ذكر جمل من الأخبار عن البحر الحبشي وما قيل في فلك من مقداره وسعة خلجانه
قدروا بحر الهند، وهو الحبشي،. وأنه يمتذ طوله من المغرب إلى المشرق من أقصى الحبش إلى أقص الهند والصين، ثمانية آلاف ميل، وعرضه ألفان وسبعمائة ميل، وعرضه في موضع آخر ألف وتسعمائة ميل، وقد يتقارب في قلة العرض في موضع دون موضع، ويكثركذلك، وقد قيل في طوله وعرضه غير ماوصفنا من الكثرة، وأعرضنا عن ذكره لعدم قيام الدلالة على صحته عند أهل هذه الصناعة، وليس في المعمور أعظم من هذا البحر، وله خليج متصل بأرض الحبشةيمتد إلى ناحية بربري من بلاد الزنج والحبشة، ويسمى الخليج البربري، طوله خمسمائة ميل، وعرض طرفيه مائة ميل، وليست هذه بربرى التي ينسب إليها البرابرة الذي ببلاد المغرب من أرض إفريقية لأن هذا موضع اخر يدعى بهذا الاسم، وأهل. المراكب من العمانيين يقطعون هذا الخليج إلى جزيرة قنبلو من بحر الزنج، وفي هنه المدينة مسلمون بين الكفار من الزنج، والعمانيون الذين ذكرنا من أرباب المراكب يزعمون أن هذا الخليج المعروف بالبربري وهم يعرفنه ببحر بربري، وبلاد جفني أكثر مسافة مما ذكرنا، وموجه عظيم كالجبال الشواهق فإنه موج أعمى، يريدون بذلك أنه يرتفع كارتفاع الجبال، وينخفض كأخفض ما يكون من الأودية، لا ينكسر موجه، ولا يظهر من ذلك زبد، كتكسر أمواج سائر البحار، ويزعمون أنه موج مجنون، وهؤلاء القوم الذين يركبون هذا البحر من أهل عمان عرب من الأزد، فإذا توسطوا هذا البحر ودخلوا بين ما ذكرناه من الأمواج ترفعهم وتخفضهم فيرتجزون ويقولون:
بربري وجفني ... وموخك المجنون
جفني وبربري ... وموجهاكماترى
وينتهي هؤلاء في بحر الزنج إلى جزيرة قنبلو على ما ذكرنا، وإلىبلاد سفالة والواق واق من أقاصي أرض الزنج، والأسافل من بحرهم، ويقطع هذا البحر السيرافيون، وقد ركبت أنا هذا البحر من مدينة سنجار، من بلاد عمان وسنجار قصبة بلاد عمان مع جماعة من نواخذة السيرافيين، وهم أرباب المراكب، مثل محمد بن الريدوم السيرافي، وجوهربن أحمد، وهو المعروف بابن سيرة، وفي هذا البحر تلف ومن كان معه في مركبه، وآخر مرة ركبت فيه في سنة أربع وثلثمائة من جزيرة قنبلو إلى مدينة عمان، وذلك في مركب أحمد وعبد الصمد أخوي عبد الرحيم بن. جعفر السيرافي، بميكان وهي محلة من سيراف وفيه غرقا في مركبهم وجميع من كان معهما، وكان ركوبي فيه أخيرا والأمير على عمان أحمد بن هلال بن أخت القيتال، وقد ركبت عدة من البحار كبحر الصين والروم والخزر والقلزم واليمن، وأصابني فيها من الأهوال ما لا أحصيه كثرة، فلم أشاهد أهول من بحر الزنج الذي قدمنا ذكره، وفيه السمك المعروف بافال طول السمكة نحو من أربعمائة ذراع إلى خمسمائة ذراع العمرية، وهي ذراع ذلك البحر، والأغلب من هذا السمك طوله مائة ذراع، وربما يهز البحر فيظهر شيئا من جناحه، فيكون كالقلع العظيم، وهو الشراع، وربمايظهررأسه، وينفخ الصعداء بالماء فيذهب الماء في الجوأكثرمن ممر السهم، والمراكب تفزع منه في الليل والنهار، وتضرب له بالدبادب والخشب لينفر من ذلك، ويحشر بأجنحته وذنبه السمك إلى فمه، وقد فغرفاه، وذلك السمك يهوي إلى جوفه جريا.، فإذا بغت هذه السمكة بعث الله عليها سمكة نحو الذراع تدعى اللشك فتلصق بأصل أذنها فلا يكون لها منها خلاص، فتطلب قعرالبحر، وتضرب بنفسها حتى تموت، فتطففق الماء، فتكون كالجبل العظيم، وربما تلتصق هذه السمكة المعروفة باللشك بالمركب فلا يدنو الأفال مع عظمتها من المركب، ويهرب إذا رأى السمكة الصغيرة، إذ كانت آفة له وقاتلته.
آفة التمساح
صفحہ 40