قال المسعودي: وقد ذكر بطليموس في الكتاب المعروف بجغرافياصفة الأرض ومدنها وجبالها وما فيها من البحار والجزائر والأنهار والعيون ووصف المدن المسكونة والمواضع العامرة، وأن عددها أربعة آلاف مدينة وخمسمائة وثلائون مدينة في عصره، وسماها مدينة مدينة في إقليم إقليم، وذكر في هذا الكتاب ألوان جبال الدنيا من الحمرة والصفرة والخضرة وغير ذلك من الألوان، وأن عددها مائتا جبل ونيف، وذكر مقدارها وما فيها من المعادن والجواهر.وذكر هذا الفيلسوفأن عدد البحار المحيطة بالأرض خمسة أبحر،وذكر ما فيها من الجزائر، والعامر منها وغير العامر، وما اشتهر من الجزائر دون ما لم يشتهر، وذكر أن في البحر الحبشي جزائر متصلة نحوا من ألف جزيرة يقال لها الدبيحات عامرة كلها من الجزيرة إلى الجزيرة الميلان والثلاثة وأكثر من ذلك، دون ما في هذا البحر من الجزائر.وذكر بطليموس في جغرافيا أن ابتداء بحر مصر من الروم إلى بحر الأصنام النحاس، وأن جميع العيون الكبار التي تنبع من الأرض مائتا عين وثلاثون عينا، دون ما عداها من الصغار، وأن عدد الأنهار الكبار الجارية في الأقاليم السبعة على دوام الأوقات مائتان وتسعون نهرا، وأن الأقاليم على حسب ما قدمناه فى عدة الأقاليم، وكل إقليم سعته تسعمائة فرسخ في مثلها، وفي البحارما هو معمور بالحيوان، ومنها ما ليس بمعمور، وهو أوقيانوس البحر المحيط، وسنأتي فيما يرد من هذا الكتاب على ذكر جمل في تفصيل البحار ووصفها، وهذه البحار كلها بصورة في كتاب جغرافيا بأنواع من الأصباغ مختلفة المقادير في الصورة، فمنها ما هو على صورة الطيلسان، ومنها ما هو على صورة الشابورة، ومنها مصراني الشكل ومنها محور ومنها مثلث، إلا أن أسماءها في هذا الكتاب باليونانية متعذر فهمها، وأن قطر الأرض ألفان ومائة فرسخ يكون ذلك على الصحيح ستة آلاف وستمائة فرسخ تقدير كل فرسخ ستة عشر ألف ذراع، والذي يحيط بأسفل دائرة النجوم وهو فلك القمرمائة ألف فرسخ وخمسة وعشرون ألفا وستمائة وستون فرسخأ، وأن قطر الفلك من حد رأس الحمل إلى حد رأس الميزان أربعون ألف فرسخ بتقدير هنه الفراسخ، وعدد. هذه الأفلاك تسعة فأولها وهو أصغرها وأقربها إلى الأرض للقمر، والثاني لعطارد، والثالث للزهرة، والرا بع للشمس، والخامس للمريخ، والسادس للمشتري، والسابع لزحل، والثامن للكواكب الثابتة، والتاسع للبروج، وهيئة هذه الأفلاك هيئة الأكر بعضها في جوف بعض ففلك البروج يسمى الفلك الكلي، وبه يكون الليل والنهار لأنه يدير الشمس والقمر وسائر الكواكب من المشرق إلى المغرب في كل يوم وليلةدورة واحدة، على قطبين ثابتين: أحدهما مما يلي الشمال وهو قطب بنات نعش، والأخر مما يلي الجنوب وهو قطب سهيل، وليس البروج غير الفلك، وإنما هي مواضع لقبت بهذه الأسماء لتعرف مواضع الكواكب من الفلك الكلي؟ فيجب أن تكون البروج تضيق من ناحية القطبين وتتسع في وسط الكرة، والخط القاطع للكرة نصفين الآخذ من المشرق إلى المغرب يسمى دائرة معدل النهار، لأن الشمس إذا صارت عليها استوى الليل والنهار في جميع البلدان، فما كان من الفلك آخذا من الجنوب إلى الشمال يسمى العرض، وما كان أخذا من الشرق إلى الغرب يسمى الطول، والأفلاك مستديرة محيطة بالعالم، وهي تدور على مركز الأرض، والأرض في وسطها مثل النقطة في وسط الدائرة، وهي تسعة أفلاك ة فأقربها من الأرض فلك القمر، وفقه فلك عطارد، وفق ذلك فلك الزهرة ، ثم فلك الشمس، والشمس متوسطة الأفلاك السبعة، وفقها فلك المريخ وفقه فلك المشتري، وفق ذلك فلك زحل، وفي كل فلك من هنه الأفلاك السبعة كوكب واحد فقط، وفق فلك زحل الفلك الثامن الذي فيه البروج الاثنا عشر، وسائر الكواكب في الفلك الثامن، والفلك التاسع وهو أرفع وأعظم جسما، وهو الفلك الأعظم يحيط بالأفلاك التي دونه مما سمينا، وبالطبائع الأربع، وبجميع الخليقة، وليس فيه كوكب، ودوره من المشرق إلى المغرب في كل يوم دورة واحدة تأمة، ويدير بدورانه ما تحته من الأفلاك المتقدم وصفها، وأما الأفلاك السبعة التي قدمنا ذكرها فإنها تدور من المغرب إلى المشرق، وللأوائل فيما ذكرنا حجج يطول الخطب بها، والكواكب المرئية التي نشاهدها وساثر الكواكب في الفلك الثامن، وهو يدور على قطبين غير قطبي الفلك الأعظم المتقدم ذكره، وزعموا أن الدليل على أن حركة هذه البروج غير حركة الأفلاك هو أن البروج الاثني عشر يتلو بعضها بعضا في مسيرها، ولا تنتقل عن أماكنها، ولا تتغير حركتها في طلوعها وغروبها، وأن الكواكب السبعة لكل واحد منها حركة خلاف حركة صاحبه، ولها تفاوت في حركاتهاث فربما أسرع الكوكب في حركته ومسيره، وربما أخذ في الجنوب، وربما أخذ في الشمال، وحد الفلك عندهم أنه نهاية لما تصير إليه الطبائع علوا وسفلا، وحده من جهة الطبائع أنه شكل مستدير، وهو أوسع الأشكال، وهو يحيط بالأشكال كلها، وأن مقادير حركة هذه الكواكب في أفلاكها مختلفة فمقام القمر في كل برج يومان ونصف، ويقطع الفلك في شهر، ومقام الشمس في كل برج شهر، ومقام عطارد في كل برج خمسة عشريوما، ومقام الزهرة في كل برج خمسة وعشرون يوما، ومقام المريخ في كل برج خمسة وأربعون يوما، ومقام المشتري في كل برج سنة، ومقام زحل في كل برج ثلاثون شهرا.وقد زعم بطليموس صاحب كتاب المجسطي أن استدارة الأرض كلها جبالها وبحارها أربعة وعشرون ألف ميل وأن قطرهاوهو عرضها وعمقها سبعة لآف وستمائة وستة وثلاثون ميلا، وأنهم إنما استدركوا ذلك بأنهم أخنوا ارتفاع القطب انشمالي في مدينتين وهما على خط واحد من خط الاستواء، مثل مدينة تدمر التي في البرية بين العراق والشام، ومثل مدينة الرقة فجدوا ارتفاع القطب في مدينة الرقة خمسة وثلاثين جزءا وثلثا ووجدوا ارتفاع القطب في مدينة تدمر أربعة وثلاثين جزءا، بينهما زيادة جزءوثلث جزء، ومسحواما بين الرقة فجدوه سبعة وستين ميلا؛ فالظاهر من الفلك سبعة وستون ميلا من لأرض، والفلك ثلثمائة وستون جزءأ لعل ذكروها يبعد علينا إيرادها في هذا الموضع، وهذه قسمة صحيحة عندهم لأنهم وجدوا الفلك قد اقتسمته البروج الاثنا عشر، وأن الشمس تقطع كل برج في شهر، وتقطع البروج كلها في ثلثمائة وستين يومأ، وأن الفلك مستدير يدور بمحورين أو قطبين، وأنهما بمنزلة محوري النجار والخراط الذي يخرط الأكر والقصاع وغيرها من الآلات الخشب، وأن من كل مسكنة وسط الأرض وعند خط الاستواء استوت ساعات ليله ونهاره سائر الدهور، ورأى هذين المحورين أعني القطب الشمالي والقطب الجنور جميعا، فأما أهل البلدان التي مالت إلى ناحية السمال فإنهم يرون القطب الشمالي وبنات نعش، ولا يرون القطب الجنوبي ولا الكواكب التي هي قريبة منه، وكذلك لا يرى الكوكب المعروف بسهيل بناحيةخراسان، ويرى في العراق في السنة أياما، ولا تقع عين جمل من الجمال عليه إلا هلك، على حسب ما ذكرناه وما ذكر الناس من العلة في ذلك في موت هذا النوع من الحيوان خاصة، وأما البلدان الجنوبية فإنه يرى في السنة كلها.ى قطبين غير قطبي الفلك الأعظم المتقدم ذكره، وزعموا أن الدليل على أن حركة هذه البروج غير حركة الأفلاك هو أن البروج الاثني عشر يتلو بعضها بعضا في مسيرها، ولا تنتقل عن أماكنها، ولا تتغير حركتها في طلوعها وغروبها، وأن الكواكب السبعة لكل واحد منها حركة خلاف حركة صاحبه، ولها تفاوت في حركاتهاث فربما أسرع الكوكب في حركته ومسيره، وربما أخذ في الجنوب، وربما أخذ في الشمال، وحد الفلك عندهم أنه نهاية لما تصير إليه الطبائع علوا وسفلا، وحده من جهة الطبائع أنه شكل مستدير، وهو أوسع الأشكال، وهو يحيط بالأشكال كلها، وأن مقادير حركة هذه الكواكب في أفلاكها مختلفة فمقام القمر في كل برج يومان ونصف، ويقطع الفلك في شهر، ومقام الشمس في كل برج شهر، ومقام عطارد في كل برج خمسة عشريوما، ومقام الزهرة في كل برج خمسة وعشرون يوما، ومقام المريخ في كل برج خمسة وأربعون يوما، ومقام المشتري في كل برج سنة، ومقام زحل في كل برج ثلاثون شهرا.وقد زعم بطليموس صاحب كتاب المجسطي أن استدارة الأرض كلها جبالها وبحارها أربعة وعشرون ألف ميل وأن قطرهاوهو عرضها وعمقها سبعة لآف وستمائة وستة وثلاثون ميلا، وأنهم إنما استدركوا ذلك بأنهم أخنوا ارتفاع القطب انشمالي في مدينتين وهما على خط واحد من خط الاستواء، مثل مدينة تدمر التي في البرية بين العراق والشام، ومثل مدينة الرقة فجدوا ارتفاع القطب في مدينة الرقة خمسة وثلاثين جزءا وثلثا ووجدوا ارتفاع القطب في مدينة تدمر أربعة وثلاثين جزءا، بينهما زيادة جزءوثلث جزء، ومسحواما بين الرقة فجدوه سبعة وستين ميلا؛ فالظاهر من الفلك سبعة وستون ميلا من لأرض، والفلك ثلثمائة وستون جزءأ لعل ذكروها يبعد علينا إيرادها في هذا الموضع، وهذه قسمة صحيحة عندهم لأنهم وجدوا الفلك قد اقتسمته البروج الاثنا عشر، وأن الشمس تقطع كل برج في شهر، وتقطع البروج كلها في ثلثمائة وستين يومأ، وأن الفلك مستدير يدور بمحورين أو قطبين، وأنهما بمنزلة محوري النجار والخراط الذي يخرط الأكر والقصاع وغيرها من الآلات الخشب، وأن من كل مسكنة وسط الأرض وعند خط الاستواء استوت ساعات ليله ونهاره سائر الدهور، ورأى هذين المحورين أعني القطب الشمالي والقطب الجنور جميعا، فأما أهل البلدان التي مالت إلى ناحية السمال فإنهم يرون القطب الشمالي وبنات نعش، ولا يرون القطب الجنوبي ولا الكواكب التي هي قريبة منه، وكذلك لا يرى الكوكب المعروف بسهيل بناحيةخراسان، ويرى في العراق في السنة أياما، ولا تقع عين جمل من الجمال عليه إلا هلك، على حسب ما ذكرناه وما ذكر الناس من العلة في ذلك في موت هذا النوع من الحيوان خاصة، وأما البلدان الجنوبية فإنه يرى في السنة كلها. وقد تنازع طوائف الفلكيين وأصحاب النجوم في هذين المحورين اللذين يعتمد عليهما الفلك في دوره: أساكنان هما أم متحركان؟ فذهب الأكثر منهم إلى أنهما غيرمتحركين وقد أتينا على ما يلزم كل فريق منهم في بيان هذين المحورين: أمن جنس الأفلاك هما أم من غير ذلك فيما سلف من كتبنا.
شكل البحار
وقد تنوزع في شكل البحار، فذهب الأكثر من الفلاسفة المتقدمين من الهند وحكماء اليونانيين إلا من خالفهم وذهب إلى قول الشرعيين أن البحر مستدير على مواضع الأرض، واستدلوا على صحة ذلك بدلائل كثيرة، منها أنك إذا لججت فيه غابت عنك الأرض والجبال شيئا بعد شيء حتى تغيب ذلك كله، ولا ترى شيئأ من شوامخ الجبال، وإذا أقبلت أيضا نحو الساحل ظهرت تلك الجبال شيئا بعد شيء، وإذا قربت من الساحل ظهرت الأشجار والأرض.وهذا جبل دنباوند بين بلاد الري وطبرستان يرى من مائة فرسخ لعلوه وذهابه في الجو، ويرتفع في أعاليه الدخان، والثلوج مترادفة عليه غير خالية من أعاليه، ويخرج من أسفله نهركثير الماء أصفركبريتي ذهبي اللون، مسافة الصعود إليه في نحو ثلاثة أيام بلياليها، وإن من علاه وصار في قلته وجد مساحة رأس نحوألف فراع في مثل ذلك، وهي ترى في رأي العين من أسفل نحو القبة المنخرطة، وإن في هذه المساحة في أعاليه رملا أحمرتغوص فيه الأقدام، وإن هذه القبة لا يلحقها شيء من الوحش ولا من الطير،لشدة الرياح وسموها في الهواء، وشدة البرد، وإن في أعاليه نحوا من ثلاثين ثقبا يخرج منها الدخان الكبريتي العظيم، ويخرج مع ذلك من هذه المخارق مع الدخان دوي عظيم كأشد ما يكون من الرعد، وذلك صوت تلهب النيران، وربما يحمل من غرر بنفسه وصعد إلى أعاليه من أفاه هذه الثقوب كبريتا أصفر كأنه الذهب يقع في أنواع الصنعة والكيمياء وغير ذلك من الوجوه، وإن من علاه يرى ما حوله من الجبال الشامخة كأنها رواب وتلال لعلوه عليها، وبين هذا الجبل وبحر طبرستان في المسافة نحو من عشرين فرسخا، والمراكب إذا لجت في هذا البحر غاب عنها جبل دنباوند فلم يره أحد، فإذا صاروا في هذا البحر على نحو من مائة فرسخ، ودنوا من جبال طبرستان رأوا اليسير من أعالي هذا الجبل، فكلما قربوا من هذا الساحل ظهر لهم، وهذا دليل على ما ذهبوا إليه من كرية ماء البحر، وأنه مستدير الشكل.وكذلك من يكون في بحر الروم الذي هو بحر الشام ومصريرى الجبل الأقرع، وهو جبل عال لا يحرك علوه، مطل على بلاد أنطاكية واللاذقية وطرابلس وجزيرة قبرص وغيرها في بلاد الروم، فيغيب عن أبصار من في المراكب لانخفاضهم في المسير في البحر عن المواضع التي يرى منها.
وسنذكر فيما يرد من هذا الكتاب جبل دنباوند وما قال الفرس في ذلك، وأن الضحاك ذا الأفاه موثق في أعاليه بالحديد، وهذه القبة التي في أعالي هذا الجبل أطم عظيمة من آطام الأرض وعجائبها.
مساحة الأرض والكواكب
صفحہ 34