مروج الذهب ومعادن الجوهر
مروج الذهب ومعادن الجوهر
وقد أعرضنا عن ذكر كثير من الأخبار في هذا الكتاب طلبا للاختصار والإيجاز: منها خبر العنسي الكذاب المعروف بعيهلة، وما كان من خبرا باليمن وصنعاء، وتنبئه ومقتله، وما كان من فيروز، وغيره من الأنباء في أمرهم، وخبر طليحة وتنبئه، وخبر سجاح بنت الحارث بن سويد، وقيل: بنت غطفان وتكنى أم صادر، وهي التي يقول فيها قيس بن عاصم:
أضحت نبيتنا أنثى نطيف بها ... وأصبحت أنبياء الناس ذكرانا
وفيها يقول الشاعر:
أضل الله سعي بني تميم ... كما ضلت بخطبتها سجاج
وقد كانت مع ادعائها النبوة مكذبة بنبوة مسيلمة الكذاب، ثم آمنت بنبوته، وكانت قبل ادعائها النبوة متكهنة تزعم أن سبيلها سبيل سطيح وابن سلمة والمأمون الحارثي، وعمرو بن لحي، وغيرهم من الكهان، وصارت إلى مسيلمة فنكحها، وما كان من خبر مسيملمة كذاب اليمامة، وحربه لخالد بن الوليد، وقتل وحشي له مع رجل من الأنصار، وذلك في سنة إحدى عشرة، وما كان من أمره مع الأنصار في يوم سقيفة بني ساعدة والمهاجرين، وقول المنزر بن الحباب: أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب، أما والله إن شئتم لنعيدنها جذعة، وقصة سعد بن عبادة، وما كان من بشر بن سعد، وتخلي الأوس عن معاضدة سعد خوفا أن يفوز بها الخزرج، وأخبار من قعد عن البيعة ومن بايع، وما قالت بنو هاشم، وما كان من قصة فدك، وما قاله أصحاب النص والاختيار في الإمامة، ومن قال بإمامة المفضول وغيره، وما كان من فاطمة وكل أمه ا متمثلة حين عدلت إلى قبر أبيها عليه السلام من قول صفية بنت عبد المطلب:
قد كان بعدك أنباء وهينمة ... لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب
إلى آخر الشعر، إلى غير ذلك مما تركنا ذكره من الأخبار في هذا الكتاب؛إذ كنا قد أتينا على جميع ذلك في كتاب أخبار الزمان والكتاب الأوسط، فأغنى ذلك عن ذكره هاهنا، والله أعلم.
ذكر خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه
وبويع عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فلما أن دخلت سنة ثلاث وعشرين خرج حاجا، فأقام الحج في تلك السنة، ثم أقبل حتى دخل المدينة، فقتله فيروز أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة تمام سنة ثلاث وعشرين؛فكانت ولايته عشر سنين وستة أشهر وأربع ليال، وقتل في صلاة الصبح، وهو ابن ثلاث وستين سنة ودفن مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، عند رجلي النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: إن قبورهم مسطرة: أبو بكر إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم، وعمر إلى جنب أبي بكر، وحج في خلافته تسع حجج، وبعد أن قتل صلى بالناس عبد الرحمن بن عوف، وجعلها شورى إلى ستة، وهم: علي، وعثمان، وطلحة. والزبير، وسعد ، وعبد الرحمن بن عوف، وصلى عليه صهيب الرومي. وكانت الشورى بعده ثلاثة أيام.
ذكر نسبه ولمع من أخباره وسيره
نسبه
هو عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن قرط بن رباح بن عبد الله بن رزاح بن عدي بن كعب، وفي كعب يجتمع نسبه مع نسب النبي صلى الله عليه وسلم، و أمه حنتمة بنت هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم وكانت سوداء، وإنما سمي الفاروق لأنه فرق بين الحق والباطل، وكنيته أبو حفص، وهو أول من سمي بأمير المؤمنين، سماه عدي بن حاتم، وقيل غيره، والله أعلم، وكان أول من سلم عليه بها المغيرة بن شعبة، وأول من دعا له بهذا الاسم على المنبر أبو موسى الأشعري وأبو موسى أول من كتب إليه: لعبد الله عمر أمير المؤمنين، من أبي موسى الأشعري فلما قرئ ذلك على عمر قال: إني لعبد لله وإني لعمرو إني لأمير المؤمنين، والحمد الله رب العالمين.
صفاته
وكان متواضعا، خشن الملبس، شديدا في ذات الله، واتبعه عماله في سائر أفعاله وشيمه وأخلاقه، كل يتشبه به ممن غاب أو حضر، وكان يلبس الجبة الصوف المرقعة بالأديم وغيره، ويشتمل بالعباءة، ويحمل القربة على كتفه مع هيبة قد رزقها، وكان أكثر ركابه الإبل، ورحله مشدودة بالليف، وكذلك عماله، مع ما فتح الله عليهم من البلاد وأوسعهم من الأموال.
عماله
صفحہ 291