وممن كان في الفترة: زيد بن عمرو بن نفيل، أبو سعيد بن زيد أحد العشرة، وهو ابن عم عمر بن الخطاب لحا، وكان زيد يرغب عن عبادة الأصنام، وعابها فأولع به عمه الخطاب سفهاء مكة، وسلطهم عليه، فآفه، فسكن كهفا بحراء، وكان يدخل مكة سرا، وسار إلى الشام يبحث عن الدين، فسمته النصارى، ومات بالشام، وله خبر طويل مع الملك الترجمان، ومع بعض ملوك غسان بدمشق، وقد أتينا عليه فيما سلف من كتبنا.
أمية بن أبي الصلت الثقفي
ومنهم: أمية بن أبي الصلت الثقفي، وكان شاعرا عاقلا، وكان يتجر إلى الشام، فتلقاه أهل الكنائسي من اليهود والنصارى، وقرأ الكتب، وكان قدعلم أن نبيا يبعث من العرب، وكان يقول أشعارا على آراء أهل الديانة صف فيها السماوات والأرض والشمس والقمر والملائكة، وذكر الأنبياء البعث والنشور والجنة والنار، ويعظم الله عز وجل ويوحده، من ذلك قوله:
الحمد لله، لاشريك له ... من لم يقلها فنفسه ظلما
ووصف أهل الجنة في بعض كلماته فقال:
فلا لغو ولاتأثيم فيها ... ومافاهوابه لهم مقيم
ولما بلغه ظهور النبي صلى الله عليه وسلم اغتاظ لذلك وتأسف، وجاء المدينة ليسلم فرده الحسد، فرجع إلى الطائف، فبينما هو ذات يوم في فتية يشرب إذ وقع غراب فنعب ثلاثة أصواب وطار، فقال أمية: أتدرون ما قال؟ قالوا: لا، قال: فإنه يقول لكم: إن أمية لا يشرب الكأس الثالثة حتى يموت، فقال القوم: لتكذبن قوله: ثم قال: أحسوا كأسكم، فحسوها، فلما انتهت النوبة إليه أغمي عليه، فسكت طويلا ثم أفاق وهو يقول:
لئيكما لبيكما ... ها أنا ذالديكما
أنا من حفت به النعمة، والحمد والشكر.
إن تغفراللهئم تغفرجما ... وأي عبد لك لا ألما
أو قال: أنا من حفت به النعمة والحمد ولم يجهد في الشكر، ثم أنشأ يقول:
إن يوم الحساب يوم عظيم ... شاب فيه الصغير يوما طويلا
ليتني كنت قبل ما قد بدالي ... في رؤوس الجبال أرعى الوعولا
كل عيش وإن تطاول حينا ... فقصارى أيامه أن يزولا
صفحہ 24