مروج الذهب ومعادن الجوهر
مروج الذهب ومعادن الجوهر
ثم ملك بعده تدوسيس الأكبر، وتفسير هذا الاسم عندهم عطية الله وقام بدين النصرانية، وعظم منها، وبنى كنائس، ولم يكن من أهل بيت الملك ولا من الروم، وإنما كان أصله من الأشباب، وهم بعض الأمم السالفة، وقد كانت ممن ملك الشام ومصر والمغرب والأندلس، وقد تنازع الناس فيهم: فذكر الواقدي في كتابه فتوح الأمصار أن بدأهم من أهل أصبهان، وأنهم ناقلة من هنالك، وهذا يوجب أنهم من قبل ملوك فارس الأولى، وذكر عبيد الله بن خرداذبة نحو ذلك وساعدهما على ذلك جماعة من أهل السير والأخبار، والأشهر من أمرهم أنهم من ولد يافث بن نوح، سهم ملوك الأندلس من اللذارقة واحدهم لذريق، وقد تنوزع في دياناتهم: نمنهم من رأى أنهم كانوا على دين المجوس، ومنهم من رأى أنهم كانوا على مذهب الصابئة وغيرهم من عبدة الأصنام، وقد قلنا: إن الأشهر من أنسابهم أنهم من ولد يافث بن نوح، فكان مدة ملك تدوسيس إلى أن هلك عشر سنين.
جماعة من ملوكهم
ثم ملك بعده أرقاديس أربع عشرة سنة، وكان على دين النصرانية.
ثم ملك بعده ابنه تدوسيس الأصغر، وذلك بمدينة أفسيس، وجمع مائتي أسقف، وهذا الاجتماع الثالث الذي قدمنا ذكره آنفا، ولعن فيه نسطورس البطرك، وقد ذكرنا في كتابنا أخبار الزمان الحيلة التي وقعت على نسطورس بطرك القسطنطينية من صاحب الكرسي بالإسكندرية، وما كان من نسطورس، ونفيه ليوحنا المعروف بالراهب، وما كان من يدوقيا زوجة الملك إلى أن نفي نسطورس من القسطنطينية إلى إنطاكية ثم منها إلى صعيد مصر، والمشارقة من النصارى أضيفوا إلى نسطورس لأنهم اتبعوه وقالوا بقوله: وإنما وسمتهم الملكية بهذا الاسم لتعيرهم وتعيبهم بذلك، وقد كانت المشارقة بالحيرة وغيرها من الشرق تدعى بالعباد، وسائر نصارى المشرق يأبون هذه الإضافة إلى نسطورس، ويكرهون أن يقال لهم نسطورية، وقد أيد برصوما مطران نصيبين رأي المشارقة في الثالوث، وهو الكلام في الأقاليم الثلاثة والجوهر الواحد وكيفة اتحاد اللاهوت القديم بالناسوت المحدث، وكان ملك تدوسيس الأصغر إلى أن هلك اثنتين وأربعين سنة.
اليعاقبة
ثم ملك بعده مرقيانوس، ثم ملك الروم بلخاريا زوجة مرقيانوس، وكانت ملكة معه، وفي أيامها كان خبر اليعاقبة من النصارى، ووقع الخلاف بينهم في الثالوث؟ فكان ملكها سبع سنين، وأكثر اليعاقبة بالعراق وبلاد تكريت والموصل والجزيرة ومصر وأقباطها إلا اليسير فإنهم ملكية، والنوبة والأرمن يعاقبة، ومطران اليعاقبة بتكريت بين الموصل وبغداد، وقد كان لهم بالقرب من رأس العين واحد فمات، وصاحبهم اليوم بناحية حلب ببلاد قنسرين والعواصم، وكرسي اليعاقبة رسمه أن يكون بمدينة إنطاكية، وكذلك لهم كرسي بمصر، ولا أعلم لهم غير هذين الكرسيين، وهما مصر وإنطاكية.
ثم ملك بعدهما اليون الأصغر بن اليون، وكان ملكه ست عشر سنة، وفي أيامه أحرم مسعرة اليعقوبي بطرك الإسكندرية، واجتمع له من الأساقفه ستمائة وثلاثون أسقفا، وفي تاريخ الروم أن عدة المجتمعين ستمائة وستون رجلا، وذلك بخلقدونية، وهذا الاجتماع هو السنودس الرابع عند الملكية، واليعاقبة لا تعتد بهذا السنودس، ولهم خبر ظريف في قصة سوار في البطرك، وما كان من أمره، وخبر تلميذه يعقوب البراذعي، ودعوته إلي مذهب سواري، واليعاقبة أضيفت إلى منصب يعقوب البراذعي هذا ،. وبه عرفت، وكان من أهل إنطاكية يعمل البرادع.
ثم ملك بعده اليون الأصغر ابن اليون، سنة على دين الملكية.
ثم ملك بعده زينو، وهو من بلاد الأرمينيان، وكان يذهب إلى رأى اليعقوبية، وكان ملكه سبع عشرة سنة، وكانت له حروب مع خوارج عليه في دار الملك، فظفر بهم.
ثم ملك بعده نسطاس وكان يذهب إلى مذهب اليعقوبي، وبنى مدينة عمورية، وأصاب كنوزا ودفائن عظيمة، وكان ملكه إلى أن هلك تسعا وعشرين سنة.
صفحہ 144