مروج الذهب ومعادن الجوهر
مروج الذهب ومعادن الجوهر
ملك قسطنطين بعد أن هلك قليطانس برومية، وهو يعبد الأوثان، وكان أول ملك انتقل من ملوك الروم عن رومية إلى بوزنطيا، وهي مدينة القسطنطينية فبناها، وسماها باسمه إلى وقتنا هذا، وكان له لي بناتها خبر ظريف مع بعض ملوك برجان، لخوف داخله من بعض ملوك ساسان، وكان خروجه من رومية، ودخوله في دين النصرانية، لسنة خلت من ملكه، ولتسع سنين خلت من ملكه خرجت أمه هلاني إلى أرض الشام، فبنت الكنائس، وسارت إلى بيت المقدس، وطلبت الخشبة التي صلب عليها المسيح عندهم، فلما صارت إليها حفتها بالذهب والفضة، واتخذت لوجودها عيدا، وهو عيد الصليب، وهو لأربع عشرة تخلو من أيلول، وفيه تفتح الترع والخلجانات ببلاد مصر، على حسب ما نورده عند ذكرنا لأخبار مصر من هذا الكتاب، وهي التي بنت كنيسة حمص على أربعة أركان، وذلك من عجائب بنيان العالم، واستخرجت الكنوز والدفائن بمصر والشام، وصرفت ذلك إلى بناء الكنائس، وتشييد دين النصرانية، وكل كنيسة بالشام ومصر وبلاد الروم، فإنها بنتها هذه الملكة هلاني أم قسطنطين، وجعل اسمها مع الصليب في كل كنيسة لها، وليس للروم في أحرفهم هاء، وأحرف هلاني خمسة أحرف، فالأول إمالة، وهو بحساب الجمل خمسة، والثاني - وهو اللام - ثلاثون، والثالث إمالة أيضا، وهي خمسة أيضا، والرابع النون وهي خمسون، والخامس ياء، وهو في حساب الجمل عشرة، فذلك مائة اختصارا على ما ذكرنا، وهذه صورة الحرف الذي هو مائة بالرومية.
السنودسات الاجتماعات الستة
ولتسع عشرة سنة خلت من ملك قسطنطين ابن هلاني اجتمع ثلثمائة وثمانية عشر أسقفا بمدينة نيقية بأرض الروم، فأقاموا دين النصرانية، وهذا الاجتماع أول الاجتماعات الستة التي يذكرها الروم في صلواتهم ويسمونها القوانين، ومعنى هذه الاجتماعات الستة بالرومية السنودسات، واحدها سنورس؟ فالأول بنيقية على ما ذكرنا من العدد، وكان الاجتماع فيه على أريوس، وهذا اتفاق من سائر أهل دين النصرانية من الملكية والمشارقة، وهم العباد الذين تسميهم الملكية وعامة الناس النسطورية، واتفاق من اليعاقبة على هذا السنودس أيضا، والسنودس الثاني بالقسطنطينية على مقدونس، وعدة المجتمعين فيه من الأساقفة مائة وخمسون رجلا، والسنودس الثالث بأفسوس وعددهم مائتا رجل، والسنودس الرابع بخلقدونية، وعددهم ستمائة وستون رجلا، والسنودس الخامس بقسطنطينية، وعددهم مائة وستة وأربعون رجلا، والسنودس السادس كان في مملكة المدائن، وعددهم مائتان وتسعة وثمانون رجلا، وسنذكر بعد هذا الموضع في ترتيب ملوك الروم هذه السنودسات، وغلبة دين النصرانية، وزوال عبادة التماثيل والصور.
سبب تنصر قسطنطين
صفحہ 141