مروج الذهب ومعادن الجوهر

المسعودی d. 346 AH
106

مروج الذهب ومعادن الجوهر

مروج الذهب ومعادن الجوهر

ولا سليمان إذ تجري الرياح له ... والجن والإنس تجري بينها البرد وأسرع بهرام جوبين إلى المدائن من النهروان، حين بلغه قتل هرمز فاحتوى على الملك، ولحق أبرويز بالرها فنزلها، وكاتب ملك الروم، و موريقس مع خاله بسطام وجماعة ممن كانوا معه، يسأله النصرة علىعدوه، ويضمن له الوفاء بما ينفقه من أمواله، والإحسان إلى جنده، وأنه يؤدي إليه ديات من يقتل من رجاله، وغير ذلك من الشروط، وأهدى إليه هدايا كثيرة: منها مائة غلام من أبناء أراكنة الترك في نهاية الحسه والجمال واستقامة الصور، في آذانهم أقراط الذهب فيها الدر واللؤلؤ ومائدة من العنبر فتحها ثلاثة أذرع على ثلاث قوائم من الذهب مفصلة بأنواع الجواهر أحد الأرجل ساعد وكف أسد والآخر ساق وعل بظلفة والثالث كف عقاب بمخلبه، وفي وسطها جام جزع يماني فاخر فتحته شبر مملوء حجارة ياقوت أحمر، وسفط من ذهب فيه مائة درة وزن كل درة مثقال أرفع ما يكون، فحمل إليه موريقس ملك الروم ألف دينار، ومائة ألف فارس، بعث بهم مع هديته، وألف ثوب من الديباج الخزائني المنسوج بالذهب الأحمر وغيره من الألوان، وعشرين ومائة جارية من بنات ملوك برجان والجلالقة والصقالبة والوسكنس وغيرهم من الأجناس المجاورة لملك الروم على رؤوسهن أكاليل الجوهر،وزوجه بابنته مارية وحملها إليه مع أخيه تندوس، واشترط ملك الروم على أبرويز شروطا كثيرة: منها النزول عن الشام ومصر مما كان غلب عليه أنوشروان، وترك التعرض ذلك، فأجابه إلى ذلك، وقد كانت ملوك الفرس تتزوج إلى سائر من جاورها من ملوك الأمم ولا تزوجها لأنهم أحرار وأنجاد، وللفرس في هذا خطب طويل كفعل قريش وتركها السنن وتحمسها؟ فكانوا يقفون بمزدلفة، هو يوم الحج الأكبر، ويقولون: نحن الحمس، وقد قالى النبي صلى الله عليه وسلم للأنصارأنا رجل أحمسي ولما اجتمع لأبرويز ما وصفنا سار إلى بلاد أذر بيجان، فاجتمع إليه هناك من كان من العساكر بها، وانضاف إليه كثيرمن الجنود والأمم، وبلغ بهرام جوبين ما قد عزم عليه فسار إليه فيمن كان معه من عساكره، فالتقى الجيشان جميعا، فتوجهت على بهرام، فانكشف في نفر من أصحابه، وانتهى إلى أطراف خراسان، وكاتب خاقان ملك الترك فأمنه وسار إلى ملكه هو ومن خف معه من أصحابه وأخته كردية، وكانت في الشجاعة والفروسية نحوه، وعليها كان يعول في كثير من حروبه، ومضى كسرى أبرويز إلى دار مملكته، وأمر لجنود موريقس بالأموال والمراكب والكساوي، وكافأهم على ما كان منهم في معونته، جمل إليه ألفي دينار؛ وقرن ذلك بهدايا كثيرة وأموال عظيمة من آلات الذهب والفضة، ووفى له بكل ما وعده، وخرج من كل ما أوجبه على نفسه، واحتال أبرويز في قتل بهرام في أرض الترك، فقتل هناك غيلة، في ذكز أن رأسه حمل بعد أن احتيل عليه وأخرجه من الناووس الذي كان خاقان ملك الترك دفنه فيه، وحمله إليه رجل تاجرفارسي فنصب على باب أبرويز في رحبة قصره، وخرجت كردية فيمن كان معها من أصحاب بهرام من أرض الترك، وقد كان لها أخبار في الطريق مع ابن خاقان، وكاتبها أبرويز في قتل خاله بسطام، وكان مرزبان الديلم وخراسان فقتله، وقتل خاله الآخر بأبيه هرمز، ثم صارت كردية إليه فتزوجها.وللفرس كتاب مفرد في أخبار يهرام جوبين، وما كان من مكايده ببلاد الترك حين سار إليها، واستنقافه لابنه ملك الترك من حيوان اسمه السمع نحو العنز الكبير كان قد احتملها من بين جواريها وعلابها وقد خرجت لبعض متنزهاتها، وما كان من بدء حاله إلى مقتله ونسبه.

بين أبرويز وبزرجمهر

صفحہ 121