فصل
ويدل على أن "كلا وكلتا" اسمان مفردان- وأن أفادا معنى التثنية- عود الضمير إلى كل واحد منهما مفردًا، كقوله ﷿ ﴿كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آَتَتْ أُكُلَهَا﴾ (١) ولم يقل آتتا أكلها.
وقد جاء في الشعر عود الضمير إلى كلا مثني على المعنى، وهو قوله:
(كلاهما حين جد الجري بينهما ... قد أقلعا وكلا أنفيهما رابي) (٢)
وهذا الشاعر قد استعمل اللغتين، أعني الحمل على اللفظ- وهو الاقيس- في قوله رابي، ولم يقل رابيان، والحمل على المعنى في قوله: قد أقلعا، ولم يقل قد أقلع.
كما جاز في كل رد ضميرها على المعنى في قوله ﷿ ﴿وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ﴾ (٣)
والرد على اللفظ في قوله سبحانه ﴿َكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا﴾ (٤)
_________
(١) [الكهف ١٨: ٣٣] ﴿كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آَتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا﴾.
(٢) الشعر للفرزدق (.. - ١١٠/ ٧٢٨)، يعير به جريرًا، لتزويجه ابنته عضيدة للابلق.
والضمير في "كلاهما" يعود لأم غيلان، عضيدة، وزوجها الأبلق. كلا أنفيهما رأبي: يريد أحدهما الربو من المماحكة والممارسة. الديوان: ٣٤، النوادر: ١٦٢، الخصائص ٢: ٢٤١، ٣: ٣١٤ الأنصاف ٢: ٤٤٧ أسرار العربية ٢٨٧، شرح المفصل ١: ٥٤، اللسان (سكف) الخزانة ١: ٦٣، ٢٨٠، ٢: ٢٠٠.
(٣) [النمل ٢٧: ٨٧] ﴿وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ﴾.
(٤) [مريم ١٩: ٩٦].
1 / 70