علامتي التأنيث والنسب، وهي دليل الرفع، وإنما جعلت لرفع التثنية لأن التثنية أول الجمع، فهي أسبق، والرفع ألزم أحوال الكلمة لها وأهمها، فأعطيت التثنية في الرفع الألف لكونها أخف، إذ كانت التثنية أكثر استعمالا من الجمع الصحيح، بدليل أن كل اسم جاز جمعه مصححًا جازت تثنيته، وليس كل اسم مثني يجمع الجمع الصحيح.
فلما كانت التثنية أكثر خصوها بالألف في الرفع، وهي الحرف الأخف، ليكثر في كلامهم ما يستخفون، ثم جعلوا الواو في الجمع علامة لرفعه لأن الضمة من الواو، فبقي جره التثنية ونصبها وجره الجمع ونصبه فاشترك الكل في الياء، إذ لم يبق من حروف العلة سواها، إلا أنها للجر يحق الأصل فيهما والنصب محمول على الجر فيهما للمناسبة بينهما، وذاك أن الكسرة إلى الفتحة أقرب من الضمة إليها والمنصوب أشبه بالمجرور منه بالمرفوع لاشتراكهما- أعني المجرور والمنصوب- في كونهما فضلتين غير لازمتين للجمل، بخلاف المرفوع فإنه لا تستغني الجمل عنه ولا تستقل دونه، ولهذا اتفق ضميرهما في مثل قولك: مررت بك وجزتك، إلا أن الياء في التثنية على صورة غير صورتها في الجمع (١) وذلك أنها مفتوح ما قبلها حملًا على ألف التثنية المؤاخينها، إذ كانت الألف لا تكون إلا بعد فتحة، وفي الجمع مكسور ما قبلها حملًا على الواو المؤاخيتها في الجمع، إذ كانت الواو بعد ضمة، فحركة ما قبلها من جنسها كقولك الزيدون، فجعلوا الياء في الجمع بعد كسرة لتكون حركة ما قبلها من
_________
(١) يلي ذلك في (ج) و(د): وذاك للفرق، وللحمل على الحرف لمصاحبها في الإعراب في كل منها أعني التثنية والجمع، فهي في التثنية مفتوح ... .
1 / 62