اتفقا في أن الإعراب غير ظاهر فيهما أن المبني، المانع له من ظهور الإعراب فيه معنى لا لفظ، وهو تضمنه معنى ما لاحظ له في الإعراب بتة، فجرى في البناء مجراه، وهذا (١) القسم ليس بمشابه للحرف ولا متضمن لمعناه، فالمانع له من ظهور الإعراب فيه ما ذكرناه من كون الألف حرف إعراب له، وذلك أمر لفظي، وإذا لم يظهر فيه الإعراب والإعراب يحتاج إليه للبيان عن معنى الاسم، فهو يظهر في تابعه، فكأنه ظاهر فيه نفسه، وهذا إذا كان التابع معربًا صحيحًا كقولك: هذه عصا معوجة، ورأيت عصًا معوجةً، ومررت بعصًا معوجة.
ويدل على إعرابه أيضًا عامله، لأنك إذا أوليته عاملًا رافعًا علم أنه في موضع رفع به، وكذلك إن كان العامل ناصبًا أو جارًا.
فالإعراب الذي يقتضيه العامل يحكم به للمعمول، وكذا إعراب التابع الذي ظهر فيخ يشهد بأنه أولًا للمتبوع، ثم هوله من بعده ثانيًا، لأن إعراب الصفة على ما مثلنا هو إعراب الموصوف، وكذا بقية التوابع. فإن وقفت على المقصور المنون وقفت في الأحوال الثلاث على الألف فقلت: هذه عصا، ورأيت عصا ومررت بعصا، لا اختلاف بينهم في هذا اللفظ، وإنما اختلفوا فيها أعني
_________
(١) في (ج) و(د): وهذا الضرب من الأسماء المعتلة المسمى مقصورًا، ليس بمثابة للحرف، ولا هو متضمن لمعنى الحرف، ولا فيه ما يقتضي بناءه، فهو معرب، باق على الأصل في الأسماء وهو الإعراب. وإنما منعه من ظهور الإعراب فيه أمر لفظي لا معنوي، وهو ما ذكرناه من كون الألف حرف إعراب له، وهو ساكنة أبدًا، وأختاها الواو والياء متى اقتصى القياس قلب أحداهما إليها استحالت ألفًا، فلزمها السكون بعد أن كان يصح تحريكها. فإذا لم يظهر الإعراب في المقصور لما بينا، والإعراب محتاج إليه للبيان عن معنى الاسم كما أسلفنا كان مقدرًا فيه، وظهر في تابعه، فكان ظهوره فيه نفسه أعني في المقصور، هذا أن كان النابع معربًا صحيحًا كقولك: هذه عصا معوجة وأخذت عصا معوجة ومررت بعصا معوجة.
1 / 46