قال الكشافة الصغير: «أعتقد أنه من الأفضل أن أرحل. أرجو أن تنجز مهمة شطيرة السجق على خير وجه. يحب السيد الخبز محمصا والسجق المسلوق مشقوقا ومقليا ومخططا بصلصة المستردة وعليه طبقة سميكة من البصل المقلي وشريحة من الخيار المخلل بالشبت. هل يمكنك تذكر ذلك؟ هل تحبه بتلك الطريقة؟» «يا إلهي!» قال جيمي، وهو يلعق شفتيه. «لم أحظ بواحد منذ زمن! سأتذكر بالطبع!»
قال الشخص الصغير: «اتفقنا إذن! هل لديك ثقة إزاء توليك المهمة وهل أنت متأكد أنك ستستطيع رعاية الأمور هنا؟»
قال جيمي: «سأبذل قصارى جهدي.» وتابع: «لكن علي أن أخبرك كما أخبرت شريكك، أنني لا أعلم أي شيء عن النحل.»
قال الشخص الصغير: «كما أنك لا تبدو بالنشاط الكافي لتهبط بلا مشقة عبر الجانب الشرقي وتتسلق الجانب الغربي على امتداد فدانين من خلايا النحل. اجلس أنت لا تتحرك وسأذهب أنا بنفسي لأرى إذا كان على ما يرام.»
ومن ثم جلس جيمي تحت شجرة الجاكرندا وانتظر بينما ذهب الكشافة الصغير إلى الجهة الشرقية، ليفحص كل قفير من قفائر النحل بعناية، ويعود بالخبر بأن أحواض المياه على ما يرام، وأن الملكات كلهن يضعن بيضا، وأن كل العاملات مشغولات، وأن الذكور تطن، كدأبها ككائنات بغيضة غير منظمة. ولم يكن هناك أي أثر لفقس ملوث، ولم يكن هناك أي أثر للصوص.
قال الشخص الصغير: «فقط نحل عادي، مخلص، يعمل بجد ليجمع كل ما يستطيع من رحيق في حدائق الزهور حيث تخترق جبال سييرا مادري جبال سانتا مونيكا لتنفذ إلى البحر مباشرة.»
أصر الشخص الصغير على أن يقتاد جيمي إلى المنزل ويريه المكتبة الحافلة بكتب عن النحل. فأشار إلى كل المجلدات التي يمكن قراءتها بهدف معرفة طريقة رعاية النحل، ثم مر بإصبع خفيفة على مجلدات وضعت وحدها على أحد الرفوف قائلا: «أما هذه فهي الكتب الطريفة.»
اختار مجلدا أزرق صغيرا انفتح من تلقاء نفسه، وراح يقرأ منه بصوت مستمتع: ««هناك أنواع متعددة من النحل؛ أفضلها النحل الصغير المستدير المبرقش.» أليس مدهشا؟» تساءل الصغير.
حين ألقى جيمي نظرة عابرة من فوق كتف الكشافة الصغير، لمح اسم «أرسطو» على الغلاف فذهل ربما للمرة المائة منذ عصر ذلك اليوم. بعد أن أغلق المجلد وأعاده إلى الرف، التفت الطفل ناحيته: «ويقول بلينيوس إن النحل حين يهاجر عابرا البحر المتوسط تأخذ كل واحدة حصاة صغيرة وتحملها بقدميها حتى يصبح وزنها ثقيلا فلا تعصف بها الرياح!» ثم اخترقت ضحكة صافية ورنانة أذني جيمي. «أليس ذلك هراء؟ لا بد أن تسمع سيد النحل وهو يضحك عند قراءة كلام بلينيوس عن النحل! وهناك المزيد من الكتب الطريفة مثلها، أما هذه فليست طريفة على الإطلاق. هذه أكثر ما عليك معرفته لتثير اهتمامك بحق.»
مرت الإصبع الصغيرة على كتب لوبوك وزفامردام، معلقا أثناء ذلك، فقال: «إن لديه صورا رائعة لشكل النحل من الداخل»، وتوقف عند هوبير. ثم قال الكشافة الصغير: «ستحتاج إلى قراءة كتب هوبير.» وتابع: «لقد كان كفيفا، لكنه خطط كل التجارب وأجرى كل البحوث، وسجلها من أجله رجل مبصر. إنه رائع أيضا. وقد وضع عنوانا لكتابه هو «ملاحظات جديدة عن النحل.» أرى أنه عمل جيد جدا بالنسبة إلى رجل كفيف. فلتعلم أن مربي النحل، لا بد أن يتحلى بأشياء كثيرة أخرى بجانب معرفته بالنحل.»
نامعلوم صفحہ