مقدمة ابن الصلاح
علوم الحديث
تحقیق کنندہ
نور الدين عتر
ناشر
دار الفكر- سوريا
پبلشر کا مقام
دار الفكر المعاصر - بيروت
سَمَاعُهُ.
قَالَ الْخَطِيبُ: سَأَلْتُ الْقَاضِيَ أَبَا الطَّيِّبِ الطَّبَرِيَّ عَنِ الْإِجَازَةِ لِلطِّفْلِ الصَّغِيرِ، هَلْ يُعْتَبَرُ فِي صِحَّتِهَا سِنُّهُ أَوْ تَمْيِيزُهُ، كَمَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي صِحَّةِ سَمَاعِهِ؟ فَقَالَ: لَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا قَالَ: لَا تَصِحُّ الْإِجَازَةُ لِمَنْ لَا يَصِحُّ سَمَاعُهُ، فَقَالَ: قَدْ يَصِحُّ أَنْ يُجِيزَ ذَلِكَ لِلْغَائِبِ عَنْهُ، وَلَا يَصِحُّ السَّمَاعُ لَهُ. وَاحْتَجَّ الْخَطِيبُ لِصِحَّتِهَا لِلطِّفْلِ بِأَنَّ الْإِجَازَةَ إِنَّمَا هِيَ إِبَاحَةُ الْمُجِيزِ لِلْمُجَازِ لَهُ أَنْ يَرْوِيَ عَنْهُ، وَالْإِبَاحَةُ تَصِحُّ لِلْعَاقِلِ، وَغَيْرِ الْعَاقِلِ.
قَالَ: وَعَلَى هَذَا رَأَيْنَا كَافَّةَ شُيُوخِنَا يُجِيزُونَ لِلْأَطْفَالِ الْغُيَّبِ عَنْهُمْ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْأَلُوا عَنْ مَبْلَغِ أَسْنَانِهِمْ، وَحَالِ تَمْيِيزِهِمْ، وَلَمْ نَرَهُمْ أَجَازُوا لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مَوْلُودًا فِي الْحَالِ.
قُلْتُ: كَأَنَّهُمْ رَأَوُا الطِّفْلَ أَهْلًا لِتَحَمُّلِ هَذَا النَّوْعِ مِنْ أَنْوَاعِ تَحَمُّلِ الْحَدِيثِ، لِيُؤَدِّيَ بِهِ بَعْدَ حُصُولِ أَهْلِيَّتِهِ، حِرْصًا عَلَى تَوْسِيعِ السَّبِيلِ إِلَى بَقَاءِ الْإِسْنَادِ الَّذِي اخْتَصَّتْ بِهِ هَذِهِ الْأُمَّةُ، وَتَقْرِيبِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، (وَاللَّهُ أَعْلَمُ).
1 / 160