المنتقی شرح موطأ

Abu al-Walid al-Baji d. 474 AH
69

المنتقی شرح موطأ

المنتقى شرح موطأ

ناشر

مطبعة السعادة

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٣٣٢ هـ

پبلشر کا مقام

بجوار محافظة مصر

(ص): (مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمْدَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ جَلَسَ عَلَى الْمَقَاعِدِ فَجَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ فَآذَنُهُ بِصَلَاةِ الْعَصْرِ فَدَعَا بِمَاءٍ وَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَالَ وَاَللَّهِ لَأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا لَوْلَا أَنَّهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثَتْكُمُوهُ ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ «مَا مِنْ امْرِئٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ ثُمَّ يُصَلِّي الصَّلَاةَ إلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ الْآخِرَةِ حَتَّى يُصَلِّيَهَا» قَالَ يَحْيَى قَالَ مَالِكٌ أَرَاهُ يُرِيدُ هَذِهِ الْآيَةَ ﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾ [هود: ١١٤] . ــ [المنتقى] بِإِخْوَانِك فَقَالَ بَلْ أَنْتُمْ أَصْحَابِي يُرِيدُ أَنَّ لَهُمْ مَزِيَّةً عَلَى إخْوَانِهِ وَاخْتِصَاصًا لِصُحْبَتِهِ وَلَمْ يَنْفِ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونُوا إخْوَانَهُ وَإِنَّمَا مَنَعَ أَنْ يُسَمَّوْا بِذَلِكَ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ بِذَلِكَ إنَّمَا هِيَ عَلَى سَبِيلِ الثَّنَاءِ عَلَى الْمُسَمَّى وَالْمَدْحِ وَالتَّرْفِيعِ مِنْ حَالِهِ فَيَجِبُ أَنْ يُسَمَّى بِأَرْفَعِ حَالَاتِهِ وَيُوصَفَ بِأَفْضَلِ صِفَاتِهِ وَلِلصَّحَابَةِ بِصُحْبَةِ النَّبِيِّ ﷺ دَرَجَةٌ لَا يَلْحَقُهُمْ فِيهَا أَحَدٌ فَيَجِبُ أَنْ يُوصَفُوا بِهَا وَاَلَّذِينَ لَمْ يَكُونُوا أَتَوْا بَعْدُ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَتْ لَهُمْ دَرَجَةُ الصُّحْبَةِ فَلِذَلِكَ وَصَفَهُمْ بِأَنَّهُمْ إخْوَانُهُ جَعَلَنَا اللَّهُ مِنْهُمْ بِرَحْمَتِهِ. ١ - (فَصْلٌ): وَقَوْلُهُ وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ يُرِيدُ أَنَّهُ يَتَقَدَّمُهُمْ إلَيْهِ وَيَجِدُونَهُ عِنْدَهُ رَوَاهُ حَبِيبٌ عَنْ مَالِكٍ يُقَالُ فَرَطْتُ الْقَوْمَ إذَا تَقَدَّمْتَهُمْ لِتَرْتَادَ لَهُمْ الْمَاءَ وَتُهَيِّئَ لَهُمْ الْمَاءَ وَالرِّشَاءَ وَافْتَرَطَ فُلَانٌ ابْنًا لَهُ أَيْ تَقَدَّمَهُ ابْنٌ. ١ - (فَصْلٌ): وَقَوْلُهُمْ كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ يَأْتِي بَعْدَك مِنْ أُمَّتِك يَعْنُونَ أَنَّهُ لَمْ يَرَهُمْ فِي الدُّنْيَا فَبِأَيِّ شَيْءٍ يَعْرِفُهُمْ فِي الْآخِرَةِ فَقَالَ ﷺ أَرَأَيْت لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ فِي خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ أَلَا يَعْرِفُ خَيْلَهُ يُرِيدُ ﷺ أَنَّهُ يَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ كَمَا يَعْرِفُ ذُو الْخَيْلِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلَةِ خَيْلَهُ فِي جُمْلَةِ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ وَالْغُرَّةُ بَيَاضٌ فِي وَجْهِ الْفَرَسِ وَالتَّحْجِيلُ بَيَاضٌ فِي يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَهَذِهِ سِيمَاءُ ظَاهِرَةٌ لَا يُمْكِنُ تَغْيِيرُهَا وَلَا خَفَاؤُهَا ثُمَّ قَالَ ﷺ فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ وَهَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ سَائِرَ الْأُمَمِ لَا تَكُونُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ وَلِذَلِكَ يَعْرِفُ الْغُرَّ الْمُحَجَّلِينَ مِنْهُمْ وَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ إلَى أَنَّ سَائِرَ الْأُمَمِ كَانَتْ لَا تَتَوَضَّأُ وَأَنَّ الْوُضُوءَ اخْتَصَّتْ بِهِ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ ﷺ وَلِذَلِكَ يَعْرِفُ أُمَّتَهُ بِآثَارِ الْوُضُوءِ وَهَذَا وَجْهٌ مُحْتَمَلٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَائِرُ الْأُمَمِ كَانَتْ تَتَوَضَّأُ وُضُوءَنَا هَذَا أَوْ غَيْرَهُ وَلَا يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ فَيَكُونُ مَا جُعِلَ لِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ مِنْ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ فَضِيلَةً خُصَّتْ بِهَا. (فَصْلٌ): وَقَوْلُهُ فَلَا يُذَادَنَّ هَكَذَا رَوَاهُ يَحْيَى وَتَابَعَهُ عَلَيْهِ مُطَرِّفُ وَرَوَى أَبُو مُصْعَبٍ فَلَيُذَادَنَّ وَتَابَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ وَأَكْثَرُ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ قَالَ ابْنُ وَضَاحٍ وَمَعْنَى فَلَا يُذَادَنَّ لَا يَفْعَلَنَّ رَجُلٌ فِعْلًا يُذَادُ بِهِ عَنْ حَوْضِي كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ يُرِيدُ الَّذِي لَا رَبَّ لَهُ فَيَسْقِيهِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ مَعْنَاهُ يُطْرَدَنَّ وَقَوْلُهُ ﷺ أُنَادِيهِمْ أَلَا هَلُمَّ أَلَا هَلُمَّ أَلَا هَلُمَّ يَحْتَمِلُ هَذَا أَنَّ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُرْتَدِّينَ وَكُلَّ مَنْ تَوَضَّأَ مِنْهُمْ مُسْلِمًا فَإِنَّهُ يُحْشَرُ بِالْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ وَلِذَلِكَ يَدْعُوهُمْ النَّبِيُّ ﷺ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ سِيمَاهُمْ سِيمَا الْمُسْلِمِينَ لَمَا دَعَاهُمْ وَيَعْرِفُ أَنَّهُمْ لَيْسُوا مِمَّنْ يَرِدُ حَوْضَهُ وَإِنَّمَا يَدْعُوهُمْ لِمَا يَرَى بِهِمْ مِنْ سِيمَا أُمَّتِهِ فَإِذَا عَلِمَ أَنَّهُمْ بَدَّلُوا بَعْدَهُ قَالَ فَسُحْقًا أَيْ بُعْدًا لَهُمْ قِيلَ مَعْنَى بَدَّلُوا غَيَّرُوا سُنَّتَك وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِمَنْ رَأَى النَّبِيَّ ﷺ فَبَدَّلَ بَعْدَهُ مِنْ أَهْلِ الرِّدَّةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونُوا مِمَّنْ يَأْتِي بَعْدَهُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ أَنَّهُ لَيْسَ هَذَا مِمَّا يُخْتَمُ بِهِ لِلْمُذَادِينَ عَنْهُ بِدُخُولِ النَّارِ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُذَادُوا وَقْتًا فَتَلْحَقَهُمْ شِدَّةٌ ثُمَّ يَتَوَفَّاهُمْ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ وَيَقُولُ لَهُمْ النَّبِيُّ ﷺ سُحْقًا ثُمَّ يَشْفَعُ فِيهِمْ وَهَذَا بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى أَنَّهُ جَوَّزَ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ. (ش): قَوْلُهُ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ جَلَسَ عَلَى الْمَقَاعِدِ وَهُوَ مَوْضِعٌ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ

1 / 70