المنتقی شرح موطأ
المنتقى شرح موطأ
ناشر
مطبعة السعادة
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
1332 ہجری
پبلشر کا مقام
بجوار محافظة مصر
اصناف
علوم حدیث
(ص): (مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهَا قَالَتْ «كَانَ أَحَبُّ الْعَمَلِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الَّذِي يَدُومُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ») .
ــ
[المنتقى]
مِنْ الْمُرَاعَاةِ لِأَنَّهَا إنْ قُبِلَتْ مِنْهُ نُظِرَ فِي سَائِرِ أَعْمَالِهِ وَنَفَعَهُ مَا عَمِلَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَإِنْ لَمْ تُقْبَلْ لَمْ يَنْفَعْهُ شَيْءٌ مِنْ عَمَلِهِ وَلَمْ يُنْظَرْ لَهُ فِيهِ.
(ص): (مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهَا قَالَتْ «كَانَ أَحَبُّ الْعَمَلِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الَّذِي يَدُومُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ») .
(ش): الْمُدَاوَمَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: بِالنِّيَّةِ.
وَالثَّانِي: بِتَكَرُّرِ الْعَمَلِ فَأَمَّا بِالنِّيَّةِ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: تَكَرُّرُهَا قَبْلَ وَقْتِ الْعَمَلِ.
وَالثَّانِي: تَكَرُّرُهَا مَعَ الْعَجْزِ عَنْ الْعَمَلِ وَالْعَزْمِ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ مَتَى أَمْكَنَ وَأَمَّا تَكْرَارُ الْعَمَلِ فَهُوَ أَنْ تَكُونَ لَهُ نَافِلَةُ صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ أَوْ صَدَقَةٍ فَيُدَاوِمُهَا فَكَانَتْ هَذِهِ النَّافِلَةُ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إلَيْهِ وَإِنْ قَلَّتْ وَيَرَاهَا أَفْضَلَ مِنْ كَثِيرِ النَّافِلَةِ الَّتِي لَا يُدَاوِمُ عَلَيْهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِمَعْنَيَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ يَسِيرَ الْعَمَلِ الَّذِي يَدُومُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ يَكُونُ مِنْهُ فِي جَمِيعِ الْعُمُرِ أَكْثَرَ مِنْ الْكَثِيرِ الَّذِي يُفْعَلُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يَتْرُكُهُ وَيَتْرُكُ الْعَزْمَ عَلَيْهِ وَالْعَزْمُ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ يُثَابُ عَلَيْهِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْعَمَلَ الَّذِي يُدَاوَمُ عَلَيْهِ هُوَ الْمَشْرُوعُ وَأَنَّ مَا تُوُغِّلَ فِيهِ بِعُنْفٍ ثُمَّ قُطِعَ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ.
(ص): (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ «كَانَ رَجُلَانِ أَخَوَانِ فَهَلَكَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ صَاحِبِهِ بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَذُكِرَتْ فَضِيلَةُ الْأَوَّلِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ أَلَمْ يَكُنْ الْآخَرُ مُسْلِمًا قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَانَ لَا بَأْسَ بِهِ فَقَالَ ﷺ وَمَا يُدْرِيكُمْ مَا بَلَغَتْ بِهِ صَلَاتُهُ إنَّمَا مَثَلُ الصَّلَاةِ كَمَثَلِ نَهْرٍ غَمْرٍ عَذْبٍ بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَقْتَحِمُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ فَمَا تَرَوْنَ ذَلِكَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ مَا بَلَغَتْ بِهِ صَلَاتُهُ») .
(ش): قَوْلُهُ فَذُكِرَتْ فَضِيلَةُ الْأَوَّلِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الثَّنَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ بِمَا فِيهِ مِنْ الْخَيْرِ وَالْإِخْبَارِ عَنْهُ بِالذِّكْرِ لِفَضِيلَةٍ بَعْدَ مَوْتِهِ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ «مَرُّوا بِجِنَازَةٍ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ وَجَبَتْ ثُمَّ مَرُّوا بِجِنَازَةٍ أُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا فَقَالَ وَجَبَتْ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَمَا وَجَبَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ هَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا فَوَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ وَهَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ» وَمَا يَجُوزُ الثَّنَاءُ عَلَيْهِ بِفِعْلِهِ وَلَا يُخْبَرُ عَمَّا يَصِيرُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مُغَيَّبٌ عَنَّا وَلِذَلِكَ رُوِيَ عَنْ «أُمِّ الْعَلَاءِ أَنَّهَا قَالَتْ لِعُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْك أَبَا السَّائِبِ فَشَهَادَتِي عَلَيْك لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّ اللَّهَ أَكْرَمَهُ» وَأَمَّا الْحَيُّ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُخَافُ عَلَيْهِ الْفِتْنَةُ بِذِكْرِ مَا فِيهِ مِنْ الْمَحَاسِنِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ.
وَرُوِيَ أَنَّ «النَّبِيَّ ﷺ سَمِعَ رَجُلًا يُثْنِي عَلَى رَجُلٍ وَيُطْرِيهِ فِي الْمَدْحِ فَقَالَ أَهْلَكْتُمْ أَوْ قَطَعْتُمْ ظَهْرَ الرَّجُلِ» وَإِنْ لَمْ تُخَفْ الْفِتْنَةُ عَلَيْهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ «لِعُمَرَ إيهٍ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا لَقِيَك الشَّيْطَانُ سَالِكًا فَجًّا قَطُّ إلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّك» .
(فَصْلٌ):
وَقَوْلُهُ ﷺ أَلَمْ يَكُنْ الْآخَرُ مُسْلِمًا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لَمْ يَعْرِفْ فَسَأَلَهُمْ مُسْتَفْهِمًا عَنْهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلِمَ فَأَتَى بِلَفْظِ الِاسْتِفْهَامِ وَمَعْنَاهُ التَّقْرِيرُ فَقَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَانَ لَا بَأْسَ بِهِ يَعْنُونَ أَنَّهُ كَانَ مَعَ إسْلَامِهِ لَا بَأْسَ بِهِ وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ تُسْتَعْمَلُ فِي التَّخَاطُبِ فِيمَا يَقْرُبُ مَعْنَاهُ وَلَا يُرَاعَى الْمُبَالَغَةُ فِي تَفْضِيلِهِ.
(فَصْلٌ):
وَقَوْلُهُ ﷺ وَمَا يُدْرِيكُمْ مَا بَلَغَتْ بِهِ صَلَاتُهُ يَعْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ صَلَاةَ هَذَا الثَّانِي بَعْدَ الْأَوَّلِ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ الَّتِي يُرْفَعُ صَاحِبُهَا وَقَدْ عَمِلَ مِنْهَا بَعْدَ أَخِيهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا مَا تَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتُ فَلَا يَدْرُونَ لَعَلَّهَا قَدْ بَلَّغَتْهُ أَرْفَعَ مِنْ دَرَجَةِ أَخِيهِ ثُمَّ فَسَّرَ ﷺ فَقَالَ إنَّمَا مَثَلُ الصَّلَاةِ كَمَثَلِ نَهْرٍ عَذْبٍ غَمْرٍ خَصَّ الْعَذْبَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِنْقَاءِ، وَالْغَمْرُ الْكَثِيرُ، وَقَوْلُهُ بِبَابِ أَحَدِكُمْ يُرِيدُ قُرْبَ
1 / 310