ولو أرسلَتْ وحيًا إليَّ عرفتهُ ... مع الريحِ في موارِهَا المتناوِحُ
آأغبطُ من ليلى بما لا أنالُهُ ... ألا كُلّ ما قرتْ به العين صالحُ
سقتني بشربِ المستصافِ فصردتْ ... كما صردَ اللوحَ النطافُ الضحاضحُ
فهلْ تبكينْ ليلى إذ متُّ قبلها ... وقامَ على قبرِي النساءُ النوائحُ
كما لو أصابَ الموتَ ليلى بكيتُها ... وجادَ لها جارٍ من الدَّمعِ سافحُ
وفتيانِ صدقٍ وصلتُ جناحهمْ ... على ظهرِ مغبرِّ التنوفةِ نازِحُ
بمائرةِ الضبعينِ معقودةِ النسَا ... أمينِ القرافي مجفرٍ غيرِ جانحُ
وما ذُكرتِي ليلى على نَأْي دَارِها ... بنجرانَ إلاَّ الترَّهاتُ الصحاصحُ
وقال توبة: الطويل
رمانِي بليلى الأخيلية قومُها ... بأشياءَ لم تخلقْ ولم أدرِ ما هيا
فليتَ الذي يلقَى ويحزُنُ نفسَهَا ... ويلقونَهُ بيني وبينَ ثيابيَا
فهلْ يبدُرنَّ البابَ قومُكِ أنني ... قد أصبحتُ فيهم قاصيَ الدارِ نائيا
تمسكْ بحبلِ الأخيلية واطرِحْ ... عدَى الناسِ فيها والوشاةَ الأدَانيا
فإنْ تمنعُوا ليلى وحسنَ حديثها ... فلنْ تمنعوا مني البُكا والقوافيا
ولا رَملَ العيسِ النوافخِ في البُرَى ... إذا نحنُ رفعنا لهنَّ المثانيَا
فهلاّ منعتمْ إذ منعتمْ كلامها ... خيالًا يوافينِي على النأي هادَيا
ولو كنتُ مولى حقِّها لمنعتُها ... ولكنَّ من دونِي لليلَى مواليَا
يلومُكَ فيها اللائمونَ فصاحةً ... فليتَ الهوى باللائمينَ مكانيا
لو أنَّ الهوى في حبِّ ليلى أطاعَنِي ... أطعتُ ولكنَّ الهوى قد عصانيا
وكمْ منْ خليلٍ قدْ تجاوزتُ بذلَهُ ... إليكِ وصادٍ لو أتيتُ سقانيا
لعمري لقدْ سهدتنِي يا حمامةَ الْ ... عقيقِ وقدْ أبكيتِ منْ كانَ باكيَا
وكنتُ وقورَ الحلمِ ما يستهشني ... بكاءُ الصدَى لو نحتِ نوحًا مدانيا
ولوْ أنَّ ليلى في بلادٍ بعيدةٍ ... بأقصَى بلادِ الجنِّ والناسِ واديَا
لكانتْ حديثَ الرَّكبِ أو لانتحَى بها ... إذا أعلَنَ الرَّكبُ الحديثَ فؤادِيا
تربعُ ليلى بالمضيحِ فالحمى ... وتقتاظُ من بطنِ العقيقي السواقيا
ذكرتُكِ بالغورِ التهامي فأصعدَتْ ... شجونَ الهوى حتى بلغنَ التراقيا
فما زلتُ أزجي العيسَ حتى كأنما ... ترى بالحصى أخفافَها الجمرَ حاميا
بثمدينَ لاحتْ نارُ ليلى وصحبتي ... بفرعِ الغضا تزجي القلاصَ الحواميا
ليلى الأخيلية
وقالت ليلى الأخيلية وهي ليلى بنت حذيفة بن شداد بن كعب بن معاوية بن عبادة بن عقيل وكعب بن معاوية هو الأخيل: الطويل
طربتُ وما هذا بساعةِ مطربِ ... إلى الحيِّ حلوا بين عاذٍ فجبجبِ
قديمًا فأمستْ دراهم قد تلعبتْ ... بها خرقاتُ الريحِ من كلِّ ملعبِ
وكم قدْ رأى رائيهم ورأيتُهُ ... بها لِي منْ عمٍّ كريمٍ ومنْ أبِ
فوارسُ من آلِ النفاضةِ سادةٌ ... ومن آل كعبٍ سؤددٌ غير معقبِ
وحيِّ حريدٍ قد صبحنا بغارةٍ ... فلم يمسِ بيتٌ منهمُ تحتَ كوكبِ
شننَّا عليهم كلَّ جرداءَ شطْبةٍ ... لجوجٍ تباري كلَّ أجردَ شرجبِ
أجشُّ هزيمٌ في الخبارِ إذا انتحى ... هواديَ عطفيهِ العنانُ مقربِ
لوحشيها من جانبي زفيانها ... خفيفٌ كخذروفِ الوليد المثقبِ
إذا جاشَ بالماءِ الحميمِ سجالها ... نضخنَ به نضخَ المزادِ المسربِ
فذرْ ذا ولكني تمنيتَ راكبًا ... إذا قالَ قولًا صادقًا لم يكذبِ
لهُ ناقةٌ عندِي وساعٌ وكورُها ... كلا مرفقيها عن رحاها بمجنبِ
إذا حركتَها رجلهُ جنحتْ بهِ ... جنوحَ القطاةِ تنتحي كلَّ سبسبِ
جنوحَ قطاةِ الوردِ في عصبِ القطا ... قربنَ مياهَ النهي منْ كلِّ مقربِ
فغادينَ بالأجزاعِ فوقَ صوائقٍ ... ومدفعِ ذاتِ العينِ أعذَبَ مشربِ
فظلنَ نشاوَى بالعيونِ كأنها ... شروبٌ بدتْ عن مرزبانٍ محجبِ
فنالتْ قليلًا شافيًا وتعجلتْ ... لبادٍ لها بين الشباكِ وتنضبِ
1 / 16