قيل: لا ينكر أن يكون في كلامهم أصول غير ملفوظ بها -إلا أنها مع ذلك مقدرة١- وهذا واسع في كلامهم كثير.
ألا ترى أنهم قد أجمعوا على أن أصل "قَامَ: قَوَمَ"، وهم مع ذلك لم يقولوا قط: "قَوَمَ"، ويقولون: إن أصل "يَقُوم: يَقْوُم" ولم نرهم قالوا: "يَقْوُم" على وجه، فلا ينكر أن يكون هنا أصول مقدرة غير ملفوظ بها.
وكأن أبا بكر إنما ذهب إلى ذلك لما رأى العين مقلوبة، ولأنهم قد قالوا في جمع "حجر، وذكر: حجارة، وذكارة".
و"فَعْل" إذا كانت عينه واوا يجري في كثير من أحكامه مجرى "فَعَل" مما عينه سالمة٢. ألا تراهم قالوا٣: "سوط وأسواط، وثوب وأثواب" كما قالوا: "جَمَل وأجمال، وجبل وأجبال" وقالوا: "سِيَاط، وثِيَاب" في الكثرة، كما قالوا: "جمال، وجبال"، فكذلك قدّروا جمع "ثور: ثِيَارة" كما قالوا: حجارة وذكارة" ثم قصروا كما بينت لك.
ونظير هذا القصر قول الأخطل:
كلمع أيدي مثاكيل مسلبة ... يندبن فتيان ضرس الدهر والخطب
٤ ويروى: ضرس بنات الدهر٤.
قالوا: يريد: الخطوب.
وكقول الراجز:
حتى إذا بُلَّت حلاقيم الحلق