وكأن ذوات الخمسة، وإن لم يكن فيها فعل، فإن دخول التحقير والتكسير فيها كالعوض من منع الفعلية فيها، ألا ترى أنك تقول في تحقير سَفَرْجَل: "سُفَيْرِج" وفي تكسيره "سَفَارِج"، فجرى هذان مجرى قولك: "سَفْرَجَ يُسَفْرِجُ سَفْرَجَةً، فهو مُسَفْرِج" وإن كان هذا لا يقال، فإنه لو اشتُق منه فعل لكانت هذه طريقته.
وسألت أبا علي فقلت له: هلا حقّروا سفرجلًا وكسّروه١ ولم يحذفوا من آخره شيئًا؟ فقال: لم يجز ذلك؛ لأن التحقير والتكسير ضرب من التصرف٢، وأصل التصرف٣ للأفعال؛ لأنها بالزوائد أحق، فلما لم يكن لهم فعل خماسي لم يكسر نحو سفرجل، ولا حقر إلا بحذف حرف ليصير إلى باب دحرج، فيمكن فيه التصريف، فهذا قول حسن سديد، وهو تلخيص قول سيبويه.
ولهذا ما قلّت الزوائد في بنات الخمسة. ومن ها٤ هنا أيضًا لم تلحق بنات الخمسة الزيادة من أولها؛ لأن الزيادة في الكلمة ضرب من توهينها؛ لأنك قد أدخلت فيها ما ليس منها، فلما كانت الخماسية قليلا ما تدخلها الزوائد، كرهوا أن يبدءوا فيها بما هو زائد على أصلها وكان آخر الكلمة ووسطها أشبه بالتوهين٥ من أولها؛ لقوة الأول وضعف الآخر.
ألا ترى أن الزيادة إنما تجيء في مثل "عَضْرَفُوط وعندليب ويَسْتَعُور وقبعثرى" حشوا وآخرا، ولا يقع شيء من ذلك في أول الكلمة، على أن الزيادة فيها حشوا أكثر منها آخرا، وكل قليل.
_________
١ ظ، ش: فكسروه.
٢، ٣ ظ، ش: التصريف، فيهما.
٤ ها: ساقط من ظ، ش.
٥ ص: للتوهين.
1 / 33