نوع من الذوق بالقدر الحاصل ونوع من التصديق بما لم يحصل بالقياس إليه فهذه الخاصية الواحدة تكفيك للإيمان بأصل النبوة.
فإن وقع لك الشك في شخص معين، أنه نبي أم لا؟ فلا يحصل اليقين إلا بمعرفة أحواله، إما بالمشاهدة، أو بالتواتر والتسامع، فإنك إذا عرفت الطب والفقه، يمكنك أن تعرف الفقهاء والأطباء بمشاهدة أحوالهم، وسماع أقوالهم، وإن لم تشاهدهم، ولا تعجز أيضًا عن معرفة كون الشافعي ﵀ فقيهًا، وكون جالينوس طبيبًا، معرفة بالحقيقة لا بالتقليد عن الغير. بل بأن تتعلم شيئًا من الفقه والطب وتطالع كتبهما وتصانيفهما، فيحصل لك علم ضروري بحالهما. فكذلك إذا فهمت معنى النبوة فأكثرت النظر في القرآن والأخبار، يصل لك العلم الضروري بكونه ﷺ على أعلى درجات النبوة، وأعضد ذلك بتجربة ما قاله في العبادات وتأثيرها في تصفية القلوب، وكيف صدق ﷺ في قوله: " من عمل بما علم ورثهُ الله علم ما لم يعلم " ويكف صدق في قوله: " من أعان ظالمًا سلطهُ الله عليهِ "