منادمة الأطلال ومسامرة الخيال

عبد القادر بن أحمد بدران d. 1346 AH
71

منادمة الأطلال ومسامرة الخيال

منادمة الأطلال ومسامرة الخيال

تحقیق کنندہ

زهير الشاويش

ناشر

المكتب الإسلامي

ایڈیشن نمبر

ط٢

اشاعت کا سال

١٩٨٥م

پبلشر کا مقام

بيروت

الْقسم الثَّالِث فِي مدارس الشَّافِعِيَّة هَذَا الْقسم لِكَثْرَة مدارسه اقْتضى الْحَال تَقْدِيمه وَيحسن بِنَا أَن نذْكر هُنَا مُقَدّمَة تَتَضَمَّن كَيْفيَّة تشعب الْمذَاهب وَمَا كَانَ دَاعيا إِلَى انحصارها فِي هَذِه الْأَرْبَعَة فِي دِيَارنَا وَمَا والاها فَنَقُول يعلم كل أحد أَن نَبينَا مُحَمَّدًا ﷺ بَعثه الله تَعَالَى على فَتْرَة من الرُّسُل رَسُولا إِلَى النَّاس جَمِيعًا وَرَحْمَة للْعَالمين وَكَانَ النَّاس حِينَئِذٍ أهل شرك وَعبادَة لغير الله تَعَالَى إِلَّا بقايا من أهل الْكتاب وَنذر يسير من الْعَرَب المقرين بوحدانيته تَعَالَى فَقَامَ بِالْأَمر مَعَ شدَّة شكيمة المعارضين وصدع بِهِ معرضًا عَن الْجَاهِلين واتاهم بِكِتَاب اخرس الفصحاء واعجز البلغاء مَعَ انهم كَانُوا يفوقون رمل عالج عددا فَاخْتَارُوا الْمُضَاربَة بالصفاح والطعن بِالسِّنَانِ على المغالبة بِالْحجَّةِ والبرهان وَكتابه يناديهم ﴿وَإِن كُنْتُم فِي ريب مِمَّا نزلنَا على عَبدنَا فَأتوا بِسُورَة من مثله وَادعوا شهداءكم من دون الله إِن كُنْتُم صَادِقين﴾ الْآيَة ٢ / ٢٣ فَلم يَك فِي وسعهم إِجَابَة النداء بل اخْتَارُوا المقاومة والمشاتمة والملاكمة والصدام إِلَى أَن كَانَ من أمره ﷺ مَعَ قُرَيْش مَا كَانَ مِمَّا هُوَ موضح فِي كتب السِّيرَة النَّبَوِيَّة وَهَاجَر من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة فأشرقت أشعة هَذَا الدّين الْمُبين وطلعت شمسه فعمت الْآفَاق وَلم تكن الدعاية إِلَى الدّين إِلَّا بِالْحجَّةِ والبرهان وَلَيْسَت الحروب إِلَّا للمدافعة عَن الرّوح كَمَا يُعلمهُ من سبر أسرار الشَّرِيعَة المحمدية وَمن يقل أَن الدعْوَة الإسلامية كَانَت بِالسَّيْفِ والقهر وَالْغَلَبَة وَلَا سُلْطَان للبرهان عَلَيْهَا فقد كذب وافترى وَقيل لَهُ آيَة قُوَّة كَانَت لمُحَمد ﷺ من المَال والأعوان حينما كَانَ بِمَكَّة أَمَام جَمِيع الْعَرَب المقاومين لَهُ وهم أهل الشجَاعَة والفصاحة والبلاغة وَلَو كَانَ لَهُ مَا ذكر لما خرج من مَكَّة حَيْثُ أخرجه أَهلهَا مِنْهَا فَمَا غلبهم بِغَيْر هَذَا الْقُرْآن وَكله حجج دامغة لأولي الشّرك والطغيان وَلما خلص نور الْبُرْهَان إِلَى أَفْئِدَة قوم رفقهم الله من أهل الْمَدِينَة وَمن حولهَا هَاجر النَّبِي ﷺ اليها وَمَعَهُ قومه مِمَّن خالط الايمان بشاشة قُلُوبهم وَاسْتقر بهَا بَين الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وَكَانَ الصَّحَابَة ﵃ يَجْتَمعُونَ اليه ويحتاطون بِهِ إحاطة الهالة

1 / 71