وقال سبط ابن الجوزي: كان إمامًا في فنون، ولم يكن في زمانه -بعد أخيه أبي عمر والعماد- أزهد ولا أورع منه. وكان كثير الحياء. عزوفًا عن الدنيا وأهلها. هينًا لينًا متواضعًا. محبًا للمساكين حسن الأخلاق. جوادًا سخيًا. من رآه كأنه رأى بعض الصحابة. وكأنما النور يخرج من وجهه. كثير العبادة. يقرأ كل يوم وليلة سُبعًا من القرآن. ولا يصلي ركعتي السنة في الغالب إلا في بيته. اتباعًا للسنة. وكان يحضر مجالسي دائمًا في جامع دمشق وقاسيون (١).
وقد مدحه الشيخ يحيى الصرصري، في جملة القصيدة الطويلة اللامية (٢):
وفي عصرنا كان الموفق حجة ... على فقهه، بثبت الأصول محولي
كفى الخلق بالكافي، وأقنع طالبا ... بمقنع فقه عن كتاب مطول
وأغنى بمغني الفقه من كان باحثا ... وعمدته من يعتمدها يحصل
وروضته ذات الأصول كروضة ... أماست بها الأزهار أنفاس شمأل
تدل على المنطوق أوفى دلالة ... وتحمل في المفهوم أحسن محمل
بلوغه درجة الاجتهاد:
قال الضياء المقدسي: وسمعت أبا بكر محمد بن معالي بن غَنيمة يقول: ما أعرف أحدًا في زماننا أدرك درجة الاجتهاد إلا الموفق (٣).
عبادته:
قال الضياء المقدسي: كان يصلي بخشوع، ولا يكاد يُصلي سنة الفجر والعشاءين إلا في بيته.
وكان يصلي بين العشاءين أربعا بـ «السجدة»، و«يس»، و«الدخان»، و«تبارك». لا يكاد يخل بهن.
ويقوم السَّحَر بسُبع، وربما رفع صوته، وكان حَسن الصوت (٤).
_________
(١) ذيل طبقات الحنابلة ٢: ١٣٤.
(٢) ذيل طبقات الحنابلة ٢: ١٤٠ - ١٤١.
(٣) سير أعلام النبلاء ٢٢: ١٦٩. شذرات الذهب ٥: ٨٨. ذيل طبقات الحنابلة ٢: ١٣٦.
(٤) سير أعلام النبلاء ٢٢: ١٧١.
1 / 22