وقال أبو عَوَانة: «دخلت على أبي إبراهيم المُزَني في مرضه الذي مات فيه، فقلت له: ما قولك في القرآن؟ فقال: كلام الله غير مخلوق، فقلت: هلَّا قلت قبل هذا، قال: لم يزل هذا قولي، وكرهت الكلام فيه؛ لأن الشافعي كان ينهى عن الكلام فيه» (^١).
وقال أبو زكريا يحيى بن زكريا بن حيويه: سمعت المُزَنِي يقول: «القرآن كلام الله غير مخلوق» (^٢).
فهذه الروايات الصحيحة كلها تدل على صحة اعتقاد المُزَنِي وبُعده عَمَّا رُمِيَ به من الخوض في القرآن، وتبيِّن كذلك الأسباب التي جعلته لا يتكلَّم في القرآن، وجملتها: اتقاء المحنة أن تقع عليه، ومن الهدي ألا يتمنى المرء لقاء العدو، فإذا لقيه صبر وثبت، ومنها كذلك: اتقاء الخوض في علم الكلام والجدل في مسائلها شغلًا بالفقه كما أوصاه الشافعي.
شرح السنة للمُزَني:
وهناك رسالة في شرح السنة والمعتقد تُنسَب إلى المُزَني، ولها عنه روايتان:
أحدهما: رواية إسماعيل بن رجاء محدِّث عسقلان، قال: «أنبأنا أبو الحسين المَلْطِي وأبو أحمد محمد بن محمد القَيْسَرَاني، قالا: أنبأنا أحمد بن بكر اليازوري، قال: حدثني الحسن بن علي اليازوري الفقيه، حدثني علي بن عبد الله الحلواني، قال: كنت بأطربلس المغرب فذكرت وأصحاب لنا السنة، إلى أن ذكرنا أبا إبراهيم المُزَني ﵀، فقال بعض
_________
(^١) نقله الذهبي في «العلو للعلي الغفار» (ص ٢١٥ ر ٥٣٥) عن الحاكم.
(^٢) أخرجه البَيْهَقي في «المناقب» (٢/ ٣٥٢).
المقدمة / 35