مختصر تفسیر ابن کثیر

محمد علی صابونی d. 1450 AH
65

مختصر تفسیر ابن کثیر

مختصر تفسير ابن كثير

ناشر

دار القرآن الكريم

ایڈیشن نمبر

السابعة

اشاعت کا سال

١٤٠٢ هـ - ١٩٨١ م

پبلشر کا مقام

بيروت - لبنان

اصناف

- ٩٠ - بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ على من يشآء من عباده فباؤوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ قَالَ السدي: ﴿بِئْسَمَا اشتروا بِهِ أَنْفُسَهُمْ﴾ باعوا به أنفسهم، يقول: بئسما اتعاضوا لأنفسهم فرضوا بِهِ وَعَدَلُوا إِلَيْهِ مِنَ الْكُفْرِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ ﷺ عن تَصْدِيقِهِ وَمُؤَازَرَتِهِ وَنُصْرَتِهِ، وَإِنَّمَا حَمَلَهُمْ عَلَى ذَلِكَ البغيُ والحسدُ والكراهية ل ﴿أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾ وَلَا حَسَدَ أَعْظَمَ مِنْ هذا. ومعنى (باؤا) استوجبوا واستحقوا واستقروا بغضب على غضب. قال أَبُو الْعَالِيَةِ: غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِكَفْرِهِمْ بِالْإِنْجِيلِ وعيسى، ثم غضب الله عليهم بكفرهم بمحمد ﷺ وبالقرآن. قَالَ السُّدِّيُّ: أَمَّا الْغَضَبُ الْأَوَّلُ فَهُوَ حِينُ غَضَبِ عَلَيْهِمْ فِي الْعِجْلِ، وَأَمَّا الْغَضَبُ الثَّانِي فَغَضِبَ عَلَيْهِمْ حِينَ كَفَرُوا بِمُحَمَّدٍ ﷺ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ. وَقَوْلُهُ تعالى: ﴿وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾ لَمَّا كَانَ كُفْرُهُمْ سَبَبُهُ الْبَغْيُ وَالْحَسَدُ وَمَنْشَأُ ذَلِكَ التَّكَبُّرُ قُوبِلُوا بِالْإِهَانَةِ وَالصَّغَارِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ أي صاغرين حقيرين ذليلين. وعن النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «يُحْشَرُ الْمُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ فِي صُوَرِ النَّاسِ يَعْلُوهُمْ كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الصَّغَارِ حَتَّى يدخلو سِجْنًا فِي جَهَنَّمَ يُقَالُ لَهُ (بُولَسُ) تَعْلُوهُمْ نَارُ الْأَنْيَارِ يُسْقَوْنَ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ عُصَارَةِ أهل النار» (رواه الإمام أحمد عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جده مرفوعًا)
- ٩١ - وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَآءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَهُمْ ⦗٨٩⦘ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَآءَ اللَّهِ مِن قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ - ٩٢ - وَلَقَدْ جَآءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ يَقُولُ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ﴾ أَيْ لِلْيَهُودِ وَأَمْثَالِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ﴿آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ عَلَى مُحَمَّدٍ ﷺ وَصَدِّقُوهُ وَاتَّبِعُوهُ، ﴿قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا﴾ أَيْ يَكْفِينَا الْإِيمَانُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا مِنَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَلَا نُقِرُّ إِلَّا بِذَلِكَ ﴿وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَآءَهُ﴾ يَعْنِي بِمَا بَعْدَهُ، ﴿وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَهُمْ﴾ أَيْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ مَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ ﷺ ﴿الحق مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَهُمْ﴾ مِنَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، فَالْحُجَّةُ قَائِمَةٌ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ﴾ ثم قال تعالى: ﴿فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَآءَ اللَّهِ مِن قَبْلُ إِنْ كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ﴾؟ أَيْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ فِي دَعْوَاكُمُ الْإِيمَانَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ، فَلِمَ قَتَلْتُمُ الْأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ جَاءُوكُمْ بِتَصْدِيقِ التَّوْرَاةِ التِي بِأَيْدِيكُمْ، وَالْحُكْمِ بِهَا وَعَدَمِ نَسْخِهَا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ صِدْقَهُمْ؟ قتلتموهم بغيًا وَعِنَادًا وَاسْتِكْبَارًا عَلَى رُسُلِ اللَّهِ فَلَسْتُمْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا مُجَرَّدَ الْأَهْوَاءِ وَالْآرَاءِ وَالتَّشَهِّي، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿أَفَكُلَّمَا جَآءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنْفُسُكُمْ استكبرتم ففريقا كذبتم وقريقا تقتلون﴾. ﴿وقال ابن جرير: قال يا محمد ليهود بني إسرائيل إِذَا قُلْتَ لَهُمْ: آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا، لِمَ تَقْتُلُونَ - إن كنتم مؤمنين بمآ أنزل الله - أنبياء الله يا معشر اليهود، وَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ فِي الْكِتَابِ الذِي أُنْزِلَ عليكم قتلهم، بل أمركم بِاتِّبَاعِهِمْ وَطَاعَتِهِمْ وَتَصْدِيقِهِمْ، وَذَلِكَ مِنَ اللَّهِ تَكْذِيبٌ لَهُمْ فِي قَوْلِهِمْ ﴿نُؤْمِنُ بِمَآ أُنْزِلَ عَلَيْنَا﴾ وَتَعْيِيرٌ لَهُمْ. ﴿وَلَقَدْ جَآءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ﴾ أَيْ بالآيات الواضحات والدلائل القاطعات عَلَى أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَّهُ لَا إِلَهَ إلا الله، والآيات وَالْبَيِّنَاتُ هِيَ: (الطُّوفَانُ، وَالْجَرَادُ، والقُمّل، وَالضَّفَادِعُ، وَالدَّمُ، والعصا، واليد، وفرق الْبَحْرِ، وَتَظْلِيلُهُمْ بِالْغَمَامِ، وَالْمَنُّ، وَالسَّلَوَى، وَالْحَجَرُ) وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ التِي شَاهَدُوهَا ﴿ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ﴾ أَيْ مَعْبُودًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فِي زمان موسى وأيامه. وَقَوْلُهُ: ﴿مِن بَعْدِهِ﴾ أَيْ مِنْ بَعْدِ مَا ذهب عنكم إلى الطور لمناجاة الله ﷿ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ﴾، ﴿وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ﴾ أَيْ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ فِي هَذَا الصَّنِيعِ الذِي صَنَعْتُمُوهُ مِنْ عِبَادَتِكُمُ الْعِجْلَ، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْاْ أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ من الخاسرين﴾.

1 / 88