280

مختصر تفسیر ابن کثیر

مختصر تفسير ابن كثير

ناشر

دار القرآن الكريم

ایڈیشن

السابعة

اشاعت کا سال

1402 ہجری

پبلشر کا مقام

بيروت

اصناف

تفسیر
واختلف العلماء في المسألة المشتركة وفي (زَوْجٌ وَأَمٌّ أَوْ جَدَّةٌ وَاثْنَانِ مَنْ وَلَدِ الْأُمِّ وَوَاحِدٌ أَوْ أَكْثَرُ مَنْ وَلَدِ الْأَبَوَيْنِ)، فَعَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ، وَلِلْأُمِّ أَوِ الْجَدَّةِ السُّدُسُ، وَلِوَلَدِ الْأُمِّ الثُّلُثُ وَيُشَارِكُهُمْ فِيهِ وَلَدُ الْأَبِ وَالْأُمِّ بِمَا بَيْنَهُمْ مِنَ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ وَهُوَ إِخْوَةُ الْأُمِّ، وَقَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ المسألة في زمان أمير المؤمنين عمر فَأَعْطَى الزَّوْجَ النِّصْفَ وَالْأُمَّ السُّدُسَ، وَجَعَلَ الثُّلُثَ لِأَوْلَادِ الْأُمِّ فَقَالَ لَهُ أَوْلَادُ الْأَبَوَيْنِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَبْ أَنَّ أَبَانَا كَانَ حِمَارًا ألسنا من أم واحدة؟ فشرك بينهم وهو مذهب مالك والشافعي. وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ لَا يُشَرِّكُ بَيْنَهُمْ، بَلْ يَجْعَلُ الثُّلُثَ لِأَوْلَادِ الْأُمِّ، وَلَا شي لِأَوْلَادِ الْأَبَوَيْنِ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ لِأَنَّهُمْ عَصَبَةٌ، وَقَالَ وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ: لَمْ يُخْتلف عَنْهُ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا قَوْلُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَأَبِي موسى الأشعري وهو مذهب أبي حنيفة والإمام أحمد، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ اللَّبَّانِ الْفَرَضِيُّ ﵀ في كتاب الإيجاز.
وقوله: ﴿إِلاَّ مِن بَعْدِ وصية يوصي بها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ﴾ أي لتكن وَصِيَّتُهُ عَلَى الْعَدْلِ لَا عَلَى الْإِضْرَارِ وَالْجَوْرِ وَالْحَيْفِ، بِأَنْ يَحْرِمَ بَعْضَ الْوَرَثَةِ أَوْ يَنْقُصَهُ، أو يزيده على ما فرض الله له من الفريضة، فمن سَعَى فِي ذَلِكَ كَانَ كَمَنْ ضَادَّ اللَّهَ في حكمه وشرعه، ولهذا قال ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «الْإِضْرَارُ فِي الْوَصِيَّةِ مِنَ الْكَبَائِرِ» (رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) ورواه ابن جرير عن ابن عباس موقوفًا، قال: وَالصَّحِيحُ الْمَوْقُوفُ، وَلِهَذَا اخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ فِي الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ هَلْ هُوَ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ (أَحَدُهُمَا): لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ التُّهْمَةِ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وصية لوارث»، وهذا مذهب مالك وأحمد بن حنبل وأبي حنيفة وَالْقَوْلُ الْقَدِيمُ لِلشَّافِعِيِّ ﵏، وَذَهَبَ فِي الْجَدِيدِ إِلَى أَنَّهُ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ، وَهُوَ مَذْهَبُ طاوس وعطاء وهو اختيار الْبُخَارِيِّ فِي صَحِيحِهِ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ رَافِعَ بْنَ خديج أوصى أن لا تَكْشِفَ الفَزَارِيَّةُ عَمَّا أُغْلِقَ عَلَيْهِ بَابُهَا قَالَ: وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَا يَجُوزُ إِقْرَارُهُ لِسُوءِ الظن بالورثة، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ»، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الْأَمَانَاتِ إِلَى أهلها﴾ فَلَمْ يَخُصَّ وَارِثًا وَلَا غَيْرَهُ، انْتَهَى مَا ذَكَرَهُ، فَمَتَى كَانَ الْإِقْرَارُ صَحِيحًا مُطَابِقًا لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، جَرَى فِيهِ هَذَا الْخِلَافُ، وَمَتَى كَانَ حِيلَةً وَوَسِيلَةً إِلَى زِيَادَةِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ وَنُقْصَانِ بَعْضِهِمْ فَهُوَ حَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ وَبِنَصِّ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: ﴿غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ الله، والله عَلِيمٌ حليم﴾.
- ١٣ - تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
- ١٤ - وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ
أَيْ هَذِهِ الْفَرَائِضُ وَالْمَقَادِيرُ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ لِلْوَرَثَةِ، بِحَسَبِ قُرْبِهِمْ مِنَ الْمَيِّتِ وَاحْتِيَاجِهِمْ إِلَيْهِ وَفَقْدِهِمْ لَهُ عِنْدَ عَدَمِهِ، هِيَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَلَا تُجَاوِزُوهَا، وَلِهَذَا قَالَ: ﴿وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ أَيْ فِيهَا فَلَمْ يَزِدْ بَعْضُ الْوَرَثَةِ، وَلَمْ يَنْقُصْ بعضهم بِحِيلَةٍ وَوَسِيلَةٍ بَلْ تَرَكَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ وَفَرِيضَتِهِ وَقِسْمَتِهِ: ﴿يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ

1 / 365