271

مختصر تفسیر ابن کثیر

مختصر تفسير ابن كثير

ناشر

دار القرآن الكريم

ایڈیشن

السابعة

اشاعت کا سال

1402 ہجری

پبلشر کا مقام

بيروت

اصناف

تفسیر
فيه ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ﴾ أَحْسَبُهُ قَالَ: كَانَتْ شَرِيكَتَهُ فِي ذَلِكَ الْعَذْقِ وفي ماله، ثم قال البخاري: عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى﴾ قَالَتْ: يَا ابْنَ أُخْتِي هَذِهِ الْيَتِيمَةُ تَكُونُ فِي حِجْرِ وَلِيِّهَا تَشْرَكُهُ فِي مَالِهِ وَيُعْجِبُهُ مَالُهَا وَجَمَالُهَا، فَيُرِيدُ وَلِيُّهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ أَنْ يُقْسط فِي صَدَاقِهَا فَيُعْطِيَهَا مِثْلَ مَا يُعْطِيهَا غَيْرُهُ، فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يقسطوا إليهن، وَيَبْلُغُوا بِهِنَّ أَعْلَى سُنَّتِهِنَّ فِي الصَّدَاقِ، وَأُمِرُوا أن ينكحوا ما طاب له مِنَ النِّسَاءِ سِوَاهُنَّ، قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: وَإِنَّ النَّاسَ اسْتَفْتَوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ﴾ قَالَتْ عَائِشَةُ: وَقَوْلُ اللَّهِ في الآية الأخرى: و﴿ترغبون أَن تَنكِحُوهُنَّ﴾ رغبة أحدكم عن يتيمته إذا كانت قليلة المال والجمال، فنهو أن ينكحوا من رغبوا في مالها وجمالها من النِّسَاءِ إِلَّا بِالْقِسْطِ مِنْ أَجْلِ رَغْبَتِهِمْ عَنْهُنَّ إِذَا كُنَّ قَلِيلَاتِ الْمَالِ وَالْجَمَالِ.
وَقَوْلُهُ ﴿مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ﴾ أَيِ انْكِحُوا مَا شِئْتُمْ مِّن النِّسَاءِ سِوَاهُنَّ إِنْ شَاءَ أَحَدُكُمْ ثِنْتَيْنِ، وَإِنْ شَاءَ ثَلَاثًا، وَإِنْ شَاءَ أَرْبَعًا، كَمَا قَالَ الله تَعَالَى: ﴿جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ﴾ أي منهم من له جناحان، ومنه مَنْ لَهُ ثَلَاثَةٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ أَرْبَعَةٌ، وَلَا يَنْفِي مَا عَدَا ذَلِكَ فِي الْمَلَائِكَةِ لِدَلَالَةِ الدَّلِيلِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ قَصْرِ الرِّجَالِ عَلَى أربع فمن هذه الآية كما قال ابْنُ عَبَّاسٍ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ، لِأَنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ امْتِنَانٍ وَإِبَاحَةٍ، فَلَوْ كَانَ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ لَذَكَرَهُ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ دَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الْمُبِيِّنَةُ عَنِ اللَّهِ إِنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِأَحَدٍ غَيْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ نسوة، وهذا الذي قاله الشافعي مُجْمَعٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنَ الشِّيعَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ إِلَى تِسْعٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بِلَا حَصْرٍ وَقَدْ يَتَمَسَّكُ بَعْضُهُمْ بِفِعْلِ رسول الله ﷺ في جَمْعِهِ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ إِلَى تِسْعٍ كما ثبت في الصحيح، وهذا عند العلماء من خصائصه دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْأُمَّةِ لِمَا سَنَذْكُرُهُ مِنَ الأحاديث الدالة على الحصر في أربع، ولنذكر الأحاديث في ذلك. قال الإمام أحمد عَنْ سَالِمٍ عَنِ أَبِيهِ: أَنَّ (غَيْلَانَ بْنَ سلمة الثقفي) أسلم وتحته عشر نِسْوَةٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «اخْتَرْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا»، فَلَمَّا كَانَ فِي عَهْدِ عُمَرَ طَلَّقَ نِسَاءَهُ، وَقَسَّمَ مَالَهُ بَيْنَ بَنِيهِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ فَقَالَ: إِنِّي لَأَظُنُّ الشَّيْطَانَ فِيمَا يَسْتَرِقُ مِنَ السَّمْعِ سَمِعَ بِمَوْتِكَ فقذفه في نفسك، ولعلك لا تلبث إِلَّا قَلِيلًا، وَايْمُ اللَّهِ لَتُرَاجِعَنَّ نِسَاءَكَ وَلَتَرْجِعَنَّ مَالِكَ أَوْ لَأُورِثُهُنَّ مِنْكَ وَلَآمُرَنَّ بِقَبْرِكَ فَيُرْجَمُ كما رجم قبر أبي رغال (رواه الترمذي وابن ماجة والدارقطني إلى قوله: ﴿اختر منهن أربعًا﴾ والباقي من رواية أحمد﴾ وعن ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ (غَيْلَانَ بْنَ سَلَمَةَ) كَانَ عِنْدَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ، فَأَسْلَمَ وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا، هَكَذَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ. فَوَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ لَسَوَّغَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سَائِرَهُنَّ فِي بقاء العشرة وقد أسلمن، فَلَمَّا أَمَرَهُ بِإِمْسَاكِ أَرْبَعٍ وَفِرَاقِ سَائِرِهِنَّ، دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ أَكْثَرَ من أربع بحال، فإذا كَانَ هَذَا فِي الدَّوَامِ، فَفِي الِاسْتِئْنَافِ بِطَرِيقِ الأولى والأحرى، والله سبحانه أعلم بالصواب.
(حديث آخر) قال الشافعي في مسنده عن نوفل بن معاوية الديلي قَالَ: أَسْلَمْتُ وَعِنْدِي خَمْسُ نِسْوَةٍ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «اخْتَرْ أَرْبَعًا أَيَّتَهُنَّ شِئْتَ وَفَارِقِ الْأُخْرَى»، فَعَمَدْتُ إِلَى أَقْدَمِهِنَّ صُحْبَةً، عَجُوزٍ عَاقِرٍ

1 / 356