261

مختصر تفسیر ابن کثیر

مختصر تفسير ابن كثير

ناشر

دار القرآن الكريم

ایڈیشن نمبر

السابعة

اشاعت کا سال

1402 ہجری

پبلشر کا مقام

بيروت

اصناف

تفسیر
أَنَّهُمْ نَاجُونَ مِنَ الْعَذَابِ، بَلْ لَا بُدَّ لهم منه، ولهذا قال تعالى: ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾، ثم قال تعالى: ﴿وَللَّهِ مُلْكُ السموات والأرض، والله عَلَى كل شي قَدِيرٌ﴾ أَيْ هُوَ مَالِكُ كُلِّ شَيْءٍ، وَالْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَلَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ، فَهَابُوهُ ولا تخالفوه، واحذروا غضبه ونقمته، فَإِنَّهُ الْعَظِيمُ الَّذِي لَا أَعْظَمَ مِنْهُ، الْقَدِيرُ الَّذِي لَا أَقْدَرَ مِنْهُ.
- ١٩٠ - إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ والنهار لآيَاتٍ لأُوْلِي الألباب
- ١٩١ - الذين يَذْكُرُونَ الله قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَآ مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
- ١٩٢ - رَبَّنَآ إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ
- ١٩٣ - رَّبَّنَآ إِنَّنَآ سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ
- ١٩٤ - رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ
معنى الآية إِنَّ الله تعالى يقول: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السموات وَالْأَرْضِ﴾ أَيْ هَذِهِ فِي ارْتِفَاعِهَا وَاتِّسَاعِهَا، وَهَذِهِ في انفخاضها وَكَثَافَتِهَا وَاتِّضَاعِهَا، وَمَا فِيهِمَا مِنَ الْآيَاتِ الْمُشَاهَدَةِ العيظمة مِنْ كَوَاكِبَ سَيَّارَاتٍ، وَثَوَابِتَ وَبِحَارٍ وَجِبَالٍ وَقِفَارٍ وَأَشْجَارٍ وَنَبَاتٍ وَزُرُوعٍ وَثِمَارٍ وَحَيَوَانٍ وَمَعَادِنَ، وَمَنَافِعَ مختلفة الألوان والطعوم والراوئح وَالْخَوَاصِّ، ﴿وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾ أَيْ تَعَاقُبُهُمَا وَتَقَارُضُهُمَا الطُّولَ وَالْقِصَرَ، فَتَارَةً يَطُولُ هَذَا وَيَقْصُرُ هَذَا، ثُمَّ يَعْتَدِلَانِ ثُمَّ يَأْخُذُ هَذَا مِنْ هَذَا فَيَطُولُ الَّذِي كَانَ قَصِيرًا، وَيَقْصُرُ الَّذِي كَانَ طويلًا وكل ذلك تَقْدِيرُ العزيز العليم، ولهذا قال تعالى: ﴿لآيَاتٍ لأُوْلِي الألباب﴾ أي العقول التامة الزكية الَّتِي تُدْرِكُ الْأَشْيَاءَ بِحَقَائِقِهَا عَلَى جَلِيَّاتِهَا، وَلَيْسُوا كَالصُّمِّ الْبُكْمِ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ، الَّذِينَ قَالَ الله فيهم: ﴿وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السموات والأرض يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ﴾ ثُمَّ وَصَفَ تَعَالَى أُولِي الْأَلْبَابِ فَقَالَ: ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ﴾ كَمَا ثبت في الصحيحين عَنْ عِمْرَانِ بْنِ حُصَيْنٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبِكَ﴾ أَيْ لَا يَقْطَعُونَ ذِكْرَهُ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِمْ بِسَرَائِرِهِمْ وَضَمَائِرِهِمْ وألسنتهم، ﴿وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خلق السموات وَالْأَرْضِ﴾ أَيْ يَفْهَمُونَ مَا فِيهِمَا مِنَ الْحِكَمِ الدالة على عظمة الخالف وقدرته وحكمته واختياره ورحمته. وقال الداراني: أين لَأَخْرُجُ مِنْ مَنْزِلِي فَمَا يَقَعُ بَصَرِي عَلَى شَيْءٍ أَلاَ رَأَيْتُ لِلَّهِ عَلَيَّ فِيهِ نِعْمَةٌ ولي فيه عبرة، وَعَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: تَفَكُّرُ سَاعَةٍ خير من قيام ليلة، وقال: الحسن: الفكرة مرآة تريك حسناتك وسيئاتك.
وَعَنْ عِيسَى ﵇ أَنَّهُ قَالَ: طُوبَى لِمَنْ كَانَ قِيلُهُ تَذَكُّرًا، وَصَمْتُهُ تَفَكُّرًا، وَنَظَرُهُ عبرًا. وَقَالَ مُغِيثٌ الْأَسْوَدُ: زُورُوا الْقُبُورَ كُلَّ يَوْمِ تفكركم، وشاهدوا الموقف بقلوبكم، وانظروا إلى المصرف بالفريقين إلى الجنة أوالنار، وَأَشْعِرُوا قُلُوبَكُمْ وَأَبْدَانَكُمْ ذِكْرَ النَّارِ وَمَقَامِعَهَا وَأَطْبَاقَهَا، وَكَانَ يَبْكِي عِنْدَ ذَلِكَ حَتَّى يُرْفَعَ صَرِيعًا من بين

1 / 346