مختصر تفسیر ابن کثیر

محمد علی صابونی d. 1450 AH
22

مختصر تفسیر ابن کثیر

مختصر تفسير ابن كثير

ناشر

دار القرآن الكريم

ایڈیشن نمبر

السابعة

اشاعت کا سال

١٤٠٢ هـ - ١٩٨١ م

پبلشر کا مقام

بيروت - لبنان

اصناف

وَأَصْلُ الصَّلَاةِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الدُّعَاءُ، قَالَ الْأَعْشَى: لَهَا حارسٌ لَا يَبْرَحُ الدهرَ بيتَها * وإن ذبحت صلَّى عليها وزمزما وقال الأعشى أيضًا: عَلَيْكِ مِثْلُ الَّذِي صليتِ فَاغْتَمِضِي * نَوْمًا فَإِنَّ لِجَنْبِ الْمَرْءِ مُضْطَجَعًا يَقُولُ: عَلَيْكِ مِنَ الدُّعَاءِ مِثْلَ الَّذِي دَعَيْتِهِ لِي. وَهَذَا ظَاهِرٌ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَتِ الصَّلَاةُ فِي الشَّرْعِ فِي ذَاتِ الرُّكُوعِ والسجود بشروطها المعروفة وصفاتها المشهورة. ﴿وَممَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ قال ابن عباس: زكاة أموالهم. وقال نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: نفقةُ الرَّجُلِ عَلَى أَهْلِهِ، وَهَذَا قَبْلَ أَنْ تنزل الزكاة. وقال قتادة: فأنفقوا مما أعطاكم الله، هذه الأموال عوارٍ وَوَدَائِعُ عِنْدَكَ يَا ابْنَ آدَمَ يُوشِكُ أَنْ تُفَارِقَهَا وَاخْتَارَ ابْنُ جَرِيرٍ أَنَّ الْآيَةَ عَامَّةٌ في الزكاة والنفقات. قال ابن كثير: كَثِيرًا مَا يَقْرِنُ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالْإِنْفَاقِ مِنَ الْأَمْوَالِ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ حَقُّ اللَّهِ وَعِبَادَتُهُ وَهِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى تَوْحِيدِهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، وَتَمْجِيدِهِ وَالِابْتِهَالِ إِلَيْهِ، وَدُعَائِهِ وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ، وَالْإِنْفَاقُ هُوَ الْإِحْسَانُ إِلَى الْمَخْلُوقِينَ بِالنَّفْعِ الْمُتَعَدِّي إِلَيْهِمْ، وَأَوْلَى النَّاسِ بِذَلِكَ الْقَرَابَاتُ وَالْأَهْلُونَ وَالْمُمَالِيكُ ثُمَّ الْأَجَانِبُ، فكلٌ مِنَ النَّفَقَاتِ الْوَاجِبَةِ وَالزَّكَاةِ الْمَفْرُوضَةِ داخلٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾.
- ٤ - وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَآ أَنزَلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ قَالَ ابْنُ عباس: يُصَدِّقُونَ بِمَا جِئْتَ بِهِ مِنَ اللَّهِ وَمَا جَاءَ بِهِ مَنْ قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ، لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمْ وَلَا يَجْحَدُونَ مَا جَاءُوهُمْ بِهِ مِنْ رَبِّهِمْ ﴿وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ أَيْ بِالْبَعْثِ وَالْقِيَامَةِ، وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَالْحِسَابِ وَالْمِيزَانِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَتِ (الْآخِرَةُ) لِأَنَّهَا بَعْدَ الدُّنْيَا. وَقَدِ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ في الموصوفين هنا على ثلاثة أقوال حكاها ابن جرير: أحدها: أَنَّ الْمَوْصُوفِينَ أَوَّلًا هُمُ الْمَوْصُوفُونَ ثَانِيًا، وَهُمْ كُلُّ مؤمنٍ، مُؤْمِنُو الْعَرَبِ وَمُؤْمِنُو أَهْلِ الْكِتَابِ. والثاني: هم مُؤْمِنُو أَهْلِ الْكِتَابِ، وَعَلَى هَذَيْنِ تَكُونُ الْوَاوُ عَاطِفَةُ صفاتٍ عَلَى صِفَاتٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى. الَّذِي خَلَقَ فسوَّى والذي قدَّر فهدى﴾ فعطف الصفات بَعْضَهَا على بَعْضٍ. وَالثَّالِثُ: أَنَّ الْمَوْصُوفِينَ أَوَّلًا مُؤْمِنُو الْعَرَبِ، وَالْمَوْصُوفُونَ ثانيًا بقوله: ﴿يُؤْمِنُونَ بِمَآ أَنزَلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ﴾ هم مؤمنو أهل الكتاب، واختاره ابن جرير ويستشهد بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِمْ﴾ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ. وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَآ إنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ﴾ وبما روي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أنه قَالَ: "ثَلَاثَةٌ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَآمَنَ بِي، وَرَجُلٌ مَمْلُوكٌ أَدَّى حقَّ اللَّهِ وحقَّ مَوَالِيهِ، وَرَجُلٌ أدّب جاريته

1 / 30