208

مختصر تفسیر ابن کثیر

مختصر تفسير ابن كثير

ناشر

دار القرآن الكريم

ایڈیشن نمبر

السابعة

اشاعت کا سال

1402 ہجری

پبلشر کا مقام

بيروت

اصناف

تفسیر
قدميَّ هَاتَيْنِ إِلَّا الْأَمَانَةَ فَإِنَّهَا مُؤَدَّاةٌ إِلَى البر والفاجر» (أخرجه ابن أبي حاتم) ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى﴾ أي لكن من أوفى بعهده واتقى منكم يَا أَهْلَ الكتاب. اتقى محارم الله وَاتَّبَعَ طَاعَتَهُ وَشَرِيعَتَهُ الَّتِي بَعَثَ بِهَا خَاتَمَ رسله وسيدهم ﴿فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾.
- ٧٧ - إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
يَقُولُ تعالى: إِنَّ الذي يعتاضون عماعاهدوا اللَّهُ عَلَيْهِ، مِنَ اتِّبَاعِ مُحَمَّدٍ ﷺ وذكر صفته للناس وَبَيَانِ أَمْرِهِ، وَعَنْ أَيْمَانِهِمُ الْكَاذِبَةِ الْفَاجِرَةِ الْآثِمَةِ، بالأثمان القليلة الزهيدة، وهي عروض هذه الحياة الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ الزَّائِلَةِ، ﴿أُولَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ﴾ أَيْ لَا نَصِيبَ لَهُمْ فِيهَا وَلَا حَظَّ لَهُمْ مِنْهَا، ﴿وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ أَيْ بِرَحْمَةٍ منه لهم، يعني لا يكلمهم الله كَلَامَ لُطْفٍ بِهِمْ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ بِعَيْنِ الرَّحْمَةِ، ﴿وَلاَ يُزَكِّيهِمْ﴾ أَيْ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْأَدْنَاسِ، بَلْ يَأْمُرُ بِهِمْ إِلَى النَّارِ، ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾، وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ تَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ فَلْنَذْكُرْ مِنْهَا مَا تَيَسَّرَ.
(الحديث الأول) عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله من هم؟ خسروا وخابوا، قَالَ: وَأَعَادَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَ: «الْمُسْبِلُ، وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بالحلف الكاذب، والمنان» (رواه أحمد ومسلم،اصحاب السنن)
(الحديث الثاني): عن عدي بن عَمِيرَةَ الكِندي قَالَ: خَاصَمَ رَجُلٌ مِنْ كِنْدة يُقال له امرؤ القيس بن عامر رَجُلًا مِنْ حَضْرَمَوْتَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي أَرْضٍ، فَقَضَى عَلَى الْحَضْرَمِيِّ بِالْبَيِّنَةِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ، فَقَضَى على امرىء القيس باليمين، فقال الحضرمي: أَمْكَنْتُهُ مِنَ الْيَمِينِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ ذَهَبَتْ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ أَرْضِي، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ أَحَدٍ لَقِيَ اللَّهَ ﷿ وهو عليه غضبان»، وَتَلَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا﴾ فَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ: مَاذَا لِمَنْ تَرَكَهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: «الْجَنَّةُ» قَالَ: فَاشْهَدْ أني قد تركتها له كلها (رواه أحمد والنسائي)
(الحديث الثالث): عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ، قَالَ رسول الله ﷺ: «من اقتطع مال امرىء مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ»، قَالَ: فَجَاءَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ فَقَالَ: مَا يُحَدِّثُكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ فَحَدَّثْنَاهُ فَقَالَ: كان في هَذَا الْحَدِيثُ، خَاصَمْتُ ابْنَ عَمٍّ لِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في بئر كانت لي فِي يَدِهِ فَجَحَدَنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «بَيِّنَتُكَ أَنَّهَا بِئْرُكَ وَإِلَّا فَيَمِينُهُ»، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لِي بَيِّنَةٌ، وَإِنْ تَجْعَلْهَا بِيَمِينِهِ

1 / 293