Mukhtasar Tafsir Al-Baghawi, also known as Ma'alim at-Tanzil
مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل
ناشر
دار السلام للنشر والتوزيع
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤١٦هـ
پبلشر کا مقام
الرياض
اصناف
خَفْضٌ؛ نَعْتًا لِلْمُتَّقِينَ، يُؤْمِنُونَ يُصَدِّقُونَ، وَحَقِيقَةُ الْإِيمَانِ التَّصْدِيقُ بِالْقَلْبِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا﴾ [يُوسُفَ: ١٧] أَيْ: بِمُصَدِّقٍ لَنَا، وَهُوَ فِي الشَّرِيعَةِ: الِاعْتِقَادُ بِالْقَلْبِ وَالْإِقْرَارُ بِاللِّسَانِ وَالْعَمَلُ بِالْأَرْكَانِ، فَسُمِّيَ الْإِقْرَارُ وَالْعَمَلُ إِيمَانًا لِوَجْهٍ مِنَ الْمُنَاسَبَةِ لِأَنَّهُ مِنْ شَرَائِعِهِ، وَالْإِسْلَامُ هُوَ الْخُضُوعُ وَالِانْقِيَادُ فَكُلُّ إِيمَانٍ إِسْلَامٌ وَلَيْسَ كُلُّ إِسْلَامٍ إِيمَانًا إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ تَصْدِيقٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَكُونُ مُسْتَسْلِمًا فِي الظَّاهِرِ غَيْرَ مُصَدِّقٍ في الباطن ويكون مُصَدِّقًا فِي الْبَاطِنِ غَيْرَ مُنْقَادٍ في الظاهر، والإيمان مَأْخُوذٌ مِنَ الْأَمَانِ فَسُمِّيَ الْمُؤْمِنُ مُؤْمِنًا لِأَنَّهُ يُؤَمِّنُ نَفْسَهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى مُؤْمِنٌ لِأَنَّهُ يُؤَمِّنُ الْعِبَادَ مِنْ عَذَابِهِ.
﴿بِالْغَيْبِ﴾ [البقرة: ٣] ما كان مغيبًا من الْعُيُونِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْغَيْبُ ههنا كُلُّ مَا أُمِرْتَ بِالْإِيمَانِ بِهِ فيما غاب عن بصرك من الْمَلَائِكَةِ وَالْبَعْثِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَالصِّرَاطِ والميزان، وقيل: الغيب ههنا هُوَ اللَّهُ تَعَالَى، وَقِيلَ: الْقُرْآنُ وقال الحسن: الآخرة، وقال ابن جريج: الوحي.
قوله: ﴿وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ﴾ [البقرة: ٣] أَيْ: يُدِيمُونَهَا وَيُحَافِظُونَ عَلَيْهَا فِي مَوَاقِيتِهَا بِحُدُودِهَا وَأَرْكَانِهَا وَهَيْئَاتِهَا، يُقَالُ: قَامَ بِالْأَمْرِ وَأَقَامَ الْأَمْرَ إِذَا أتى به معطيًا حقوقه، أو المراد بِهَا الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، ذُكِرَ بِلَفْظِ الواحد. وَالصَّلَاةُ فِي اللُّغَةِ: الدُّعَاءُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَصَلِّ عَلَيْهِمْ﴾ [التَّوْبَةِ: ١٠٣] أَيِ: ادْعُ لَهُمْ، وَفِي الشَّرِيعَةِ اسْمٌ لِأَفْعَالٍ مَخْصُوصَةٍ مِنْ قِيَامٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَقُعُودٍ وَدُعَاءٍ وَثَنَاءٍ.
قوله: ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ﴾ [البقرة: ٣] أَيْ: أَعْطَيْنَاهُمْ، وَالرِّزْقُ اسْمٌ لِكُلِّ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ حَتَّى الْوَلَدِ وَالْعَبْدِ، وَأَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ: الْحَظُّ والنصيب.
﴿يُنْفِقُونَ﴾ [البقرة: ٣] يَتَصَدَّقُونَ، قَالَ قَتَادَةُ: يُنْفِقُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَطَاعَتِهِ، وَأَصْلُ الْإِنْفَاقِ: الإخراج عن اليد والملك، وَهَذِهِ الْآيَةُ فِي الْمُؤْمِنِينَ مِنْ مشركي العرب.
[٤] قوله: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾ [البقرة: ٤] يَعْنِي: الْقُرْآنَ. ﴿وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ﴾ [البقرة: ٤] من التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ وَسَائِرُ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَهَذِهِ الْآيَةُ فِي الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أهل الكتب. قوله: ﴿وَبِالْآخِرَةِ﴾ [البقرة: ٤] أي: بالدار الآخرة، سميت الدنيا: دنيا لدنوها من الآخرة، وسميت الآخرة: آخرة لتأخرها وكونها بعد الدنيا ﴿هُمْ يُوقِنُونَ﴾ [البقرة: ٤] أي: يستيقنون أنها كائنة، مِنَ الْإِيقَانِ وَهُوَ الْعِلْمُ، وَقِيلَ: الْإِيقَانُ وَالْيَقِينُ عِلْمٌ عَنِ اسْتِدْلَالٍ، وَلِذَلِكَ لَا يُسَمَّى اللَّهُ مُوقِنًا وَلَا عِلْمُهُ يَقِينًا إِذْ لَيْسَ عِلْمُهُ عن استدلال.
[٥] قوله: ﴿أُولَئِكَ﴾ [البقرة: ٥] أي: أهل هذه الصفة ﴿عَلَى هُدًى﴾ [البقرة: ٥] أَيْ: رُشْدٍ وَبَيَانٍ وَبَصِيرَةٍ. ﴿مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [البقرة: ٥] النَّاجُونَ وَالْفَائِزُونَ فَازُوا
1 / 17