Mukhtasar Tafsir Al-Baghawi, also known as Ma'alim at-Tanzil
مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل
ناشر
دار السلام للنشر والتوزيع
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤١٦هـ
پبلشر کا مقام
الرياض
اصناف
وَمَا عَلِمْنَا وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، ﴿وَمَا يَذَّكَّرُ﴾ [آل عمران: ٧] ما يَتَّعِظُ بِمَا فِي الْقُرْآنِ ﴿إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [آل عمران: ٧] ذوو العقول.
[٨]، قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا﴾ [آل عمران: ٨] أَيْ: وَيَقُولُ الرَّاسِخُونَ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا، أَيْ: لَا تُمِلْهَا عَنِ الْحَقِّ وَالْهُدَى كَمَا أَزَغْتَ قُلُوبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ، ﴿بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا﴾ [آل عمران: ٨] وَفَّقْتَنَا لِدِينِكَ وَالْإِيمَانِ بِالْمُحْكَمِ وَالْمُتَشَابِهِ مِنْ كِتَابِكَ، ﴿وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ﴾ [آل عمران: ٨] أعطنا من عندك، ﴿رَحْمَةً﴾ [آل عمران: ٨] توثيقا وَتَثْبِيتًا لِلَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْهُدَى. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: تَجَاوُزًا ومغفرة، ﴿إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾ [آل عمران: ٨]
[٩] قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ﴾ [آل عمران: ٩] أي: لانقضاء يَوْمٍ، وَقِيلَ: اللَّامُ بِمَعْنَى: فِي يوم، ﴿لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ [آل عمران: ٩] أَيْ: لَا شَكَّ فِيهِ، وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ [آل عمران: ٩] وهو مِفْعَالٌ، مِنَ الْوَعْدِ.
[١٠] قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ﴾ [آل عمران: ١٠] لَنْ تَنْفَعَ وَلَنْ تَدْفَعَ، ﴿عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ١٠] قَالَ الْكَلْبِيُّ: مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مِنْ بِمَعْنَى عِنْدَ، أَيْ: عِنْدَ اللَّهِ ﴿شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ﴾ [آل عمران: ١٠]
[١١] ﴿كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: ١١] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄ وَعِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ: كَفِعْلِ آلِ فِرْعَوْنَ وَصَنِيعِهِمْ فِي الْكُفْرِ وَالتَّكْذِيبِ. وَقَالَ عَطَاءٌ وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو عُبَيْدَةَ: كَسُنَّةِ آلِ فِرْعَوْنَ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: كَأَمْرِ آلِ فِرْعَوْنَ وَشَأْنِهِمْ. وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: كَعَادَةِ آلِ فِرْعَوْنَ، يُرِيدُ عَادَةَ هؤلاء الكفار في تكذيب الرسل وَجُحُودِ الْحَقِّ كَعَادَةِ آلِ فِرْعَوْنَ، ﴿وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ [آل عمران: ١١] كَفَّارِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ مِثْلِ عَادٍ وَثَمُودَ وَغَيْرِهِمْ، ﴿كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ﴾ [آل عمران: ١١] فعاقبهم الله، ﴿بِذُنُوبِهِمْ﴾ [آل عمران: ١١] وَقِيلَ: نَظْمُ الْآيَةِ: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ عِنْدَ حُلُولِ النِّقْمَةِ وَالْعُقُوبَةِ، مِثْلَ آلِ فِرْعَوْنَ وَكُفَّارِ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ، أَخَذْنَاهُمْ فَلَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ عذاب الله شيئا، ﴿وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [آل عمران: ١١]
[قَوْلُهُ تَعَالَى قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ] إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ. . . .
[١٢] قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ﴾ [آل عمران: ١٢] قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ بِالْيَاءِ فِيهِمَا، أَيْ: أَنَّهُمْ يُغْلَبُونَ وَيُحْشَرُونَ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالتَّاءِ فِيهِمَا عَلَى الْخِطَابِ، أَيْ: قُلْ لَهُمْ إِنَّكُمْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ، قَالَ مُقَاتِلٌ. أَرَادَ مُشْرِكِي مَكَّةَ، مَعْنَاهُ: قُلْ لِكُفَّارِ مَكَّةَ سَتُغْلَبُونَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَتُحْشَرُونَ إِلَى جهنم في الآخرة، وَقَالَ بَعْضُهُمُ: الْمُرَادُ بِهَذِهِ الْآيَةِ اليهود ﴿سَتُغْلَبُونَ﴾ [آل عمران: ١٢] تهزمون في الدنيا في قتالكم محمدا ﴿وَتُحْشَرُونَ﴾ [آل عمران: ١٢] فِي الْآخِرَةِ ﴿إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ [آل عمران: ١٢] أي: الْفِرَاشُ، أَيْ: بِئْسَ مَا مُهِّدَ لهم، يعني: النار.
[١٣] قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ﴾ [آل عمران: ١٣] ولم يقل كانت، وَالْآيَةُ مُؤَنَّثَةٌ لِأَنَّهُ رَدَّهَا إِلَى البيان، أي: قد كان بَيَانٌ، فَذَهَبَ إِلَى الْمَعْنَى، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: إِنَّمَا ذُكِّرَ لِأَنَّهُ حَالَتِ الصِّفَةُ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالِاسْمِ الْمُؤَنَّثِ فَذُكِّرَ الْفِعْلُ، وَكُلُّ مَا جَاءَ مِنْ هَذَا النَّحْوِ فَهَذَا وَجْهُهُ، فَمَعْنَى الْآيَةِ: ﴿قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ﴾ [آل عمران: ١٣] أَيْ: عِبْرَةٌ وَدَلَالَةٌ عَلَى صِدْقِ مَا أَقُولُ إِنَّكُمْ سَتَغْلِبُونَ، ﴿فِي فِئَتَيْنِ﴾ [آل عمران: ١٣] فِرْقَتَيْنِ، وَأَصْلُهَا فَيْءُ الْحَرْبِ، لِأَنَّ بَعْضَهُمْ يَفِيءُ إِلَى بَعْضٍ، ﴿الْتَقَتَا﴾ [آل عمران: ١٣] يَوْمَ بَدْرٍ، ﴿فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ١٣] طَاعَةِ اللَّهِ، وَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَصْحَابِهِ وهم كَانُوا ثَلَاثَمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا، سَبْعَةٌ وَسَبْعُونَ رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ ومائتان وستة وثلاثون رجلا من الأنصار، قوله تعالى: ﴿وَأُخْرَى كَافِرَةٌ﴾ [آل عمران: ١٣] أَيْ: فِرْقَةٌ أُخْرَى كَافِرَةٌ، وَهُمْ مُشْرِكُو مَكَّةَ وَكَانُوا تِسْعَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ رجلا من المقاتلة، يرأسهم عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ وَفِيهِمْ مِائَةُ فَرَسٍ، وَكَانَتْ حَرْبُ بَدْرٍ أَوَّلُ مَشْهَدٍ شَهِدَهُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ﴿يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ﴾ [آل عمران: ١٣] قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَيَعْقُوبُ بِالتَّاءِ، يَعْنِي: تَرَوْنَ يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ أهل مكة مثل عدد الْمُسْلِمِينَ، وَذَلِكَ
1 / 115