Mukhtasar Tafsir Al-Baghawi, also known as Ma'alim at-Tanzil
مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل
ناشر
دار السلام للنشر والتوزيع
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤١٦هـ
پبلشر کا مقام
الرياض
اصناف
الْعَلَامَةُ لِأَنَّهُ مِنْ مَعَالِمَ الْحَجِّ، وَأَصْلُ الْحَرَامِ مِنَ الْمَنْعِ، فَهُوَ مَمْنُوعٌ أَنْ يُفْعَلَ فِيهِ مَا لَمْ يُؤذن فِيهِ، وسُمي الْمُزْدَلِفَةُ جَمْعًا لِأَنَّهُ يُجمع فِيهِ بَيْنَ صلاة المغرب والعشاء، وَالْإِفَاضَةُ مِنْ عَرَفَاتٍ تَكُونُ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَمِنْ جَمْعٍ قَبْلَ طلوعها من يوم النحر ﴿وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٨] أَيْ: وَاذْكُرُوهُ بِالتَّوْحِيدِ وَالتَّعْظِيمِ، كَمَا ذَكَرَكُمْ بِالْهِدَايَةِ، فَهَدَاكُمْ لِدِينِهِ وَمَنَاسِكِ حَجِّهِ، ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ﴾ [البقرة: ١٩٨] أَيْ وَقَدْ كُنْتُمْ، وَقِيلَ: وَمَا كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ إِلَّا مِنَ الضَّالِّينَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ [الشُّعَرَاءِ: ١٨٦] أَيْ: وَمَا نَظُنُّكَ إِلَّا مِنَ الْكَاذِبِينَ، وَالْهَاءُ فِي قَوْلِهِ: (مِن قَبلِه) رَاجِعَةٌ إِلَى الهُدى، وَقِيلَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ كناية عن غير مذكور.
[١٩٩] قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾ [البقرة: ١٩٩] قَالَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ كَانَتْ قُرَيْشٌ وَحُلَفَاؤُهَا وَمَنْ دَانَ بِدِينِهَا وَهُمُ الحُمس، يقعون بِالْمُزْدَلِفَةِ وَيَقُولُونَ: نَحْنُ أَهْلُ اللَّهِ وقُطّان حَرَمِهِ، فَلَا نُخَلِّفُ الْحَرَمَ وَلَا نَخْرُجُ مِنْهُ وَيَتَعَظَّمُونَ أَنْ يَقِفُوا مَعَ سَائِرِ الْعَرَبِ بِعَرَفَاتٍ، وَسَائِرُ النَّاسِ كَانُوا يَقِفُونَ بِعَرَفَاتٍ، فَإِذَا أَفَاضَ النَّاسُ مَنْ عَرَفَاتٍ أَفَاضَ الحُمس مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ، فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ أَنْ يَقِفُوا بِعَرَفَاتٍ وَيُفِيضُوا مِنْهَا إِلَى جَمْعٍ مَعَ سَائِرِ النَّاسِ، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ سُنَّةُ إِبْرَاهِيمَ وإسماعيل ﵉ ﴿وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة: ١٩٩]
[٢٠٠] قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٠٠] أَيْ: فَرَغْتُمْ مِنْ حَجِّكُمْ وَذَبَحْتُمْ نَسَائِكَكُم، أَيْ: ذَبَائِحَكُمْ، يُقَالُ: نَسَكَ الرَّجُلُ يَنْسُكُ نَسْكًا إِذَا ذَبَحَ نَسِيكَتَهُ، وَذَلِكَ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَالِاسْتِقْرَارِ بِمِنًى، ﴿فَاذْكُرُوا اللَّهَ﴾ [البقرة: ٢٠٠] بِالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ﴿كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٠٠] وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ إِذَا فَرَغَتْ مِنَ الْحَجِّ وَقَفَتْ عِنْدَ الْبَيْتِ فَذَكَرَتْ مَفَاخِرَ آبَائِهَا، فَأَمَرَهُمُ الله بِذِكْرِهِ، وَقَالَ: (فَاذْكُرُونِي) فَأَنَا الَّذِي فَعَلْتُ ذَلِكَ بِكُمْ وَبِآبَائِكُمْ وَأَحْسَنْتُ إِلَيْكُمْ وَإِلَيْهِمْ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٌ: مَعْنَاهُ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِ الصِّبْيَانِ الصِّغَارِ الْآبَاءَ، وَذَلِكَ أَنَّ الصَّبِيَّ أَوَّلُ مَا يَتَكَلَّمُ يَلْهَجُ بذكر أبيه لا يذكر غَيْرِهِ، فَيَقُولُ اللَّهُ: فَاذْكُرُوا اللَّهَ لَا غَيْرَ، كَذِكْرِ الصَّبِيِّ أَبَاهُ، ﴿أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا﴾ [البقرة: ٢٠٠] وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٠٠] فَقِيلَ: قَدْ يَأْتِي عَلَى الرَّجُلِ اليوم لا يَذْكُرُ فِيهِ أَبَاهُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَيْسَ كَذَلِكَ وَلَكِنْ أَنْ تَغْضَبَ لِلَّهِ إِذَا عُصِيَ أَشَدَّ مِنْ غَضَبِكَ لِوَالِدَيْكَ إِذَا شُتِمَا، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا﴾ [البقرة: ٢٠٠] يعني: بل أشد، أي: وأكبر ذِكْرًا، ﴿فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا﴾ [البقرة: ٢٠٠] أَرَادَ بِهِ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا لَا يَسْأَلُونَ اللَّهَ تَعَالَى فِي الْحَجِّ إلا الدُّنْيَا ﴿وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ﴾ [البقرة: ٢٠٠] من حَظٍّ وَنَصِيبٍ.
[٢٠١]
1 / 76