وأمر عليا أن يبيت تلك الليلة على فراشه.
واجتمع أولئك النفر يتطلعون من صير الباب ويرصدونه يريدون بياته ويأتمرون أيهم يكون أشقاها؟ فخرج رسول اللَّه ﷺ عليهم. فأخذ حفنة من البطحاء فذرها على رءوسهم وهو يتلو ﴿وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ﴾ [يس: ٩] (١) وأنزل اللَّه ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ [الأنفال: ٣٠] (٢) .
ومضى رسول اللَّه ﷺ إلى بيت أبي بكر. فخرجا من خوخة في بيت أبي بكر ليلا. فجاء رجل فرأى القوم ببابه، فقال: ما تنتظرون؟ قالوا: محمدا. قال: خبتم وخسرتم قد واللَّه مر بكم وذر على رءوسكم التراب. قالوا: واللَّه ما أبصرناه وقاموا ينفضون التراب عن رءوسهم.
فلما أصبحوا: قام علي ﵁ عن الفراش فسألوه عن محمد؟ فقال لا علم لي به. ومضى رسول اللَّه ﷺ وأبو بكر إلى غار ثور، فنسجت العنكبوت على بابه.
وكانا قد استأجرا عبد اللَّه بن أريقط الليثي وكان هاديا ماهرا - وكان على دين قومه - وأمناه على ذلك وسلما إليه راحلتيهما، وواعداه غار ثور بعد ثلاث.
(١) آية ٩ من سورة يس.
(٢) آية ٣٠ من سورة الأنفال.