مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
تحقیق کنندہ
سيد إبراهيم
ناشر
دار الحديث
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
پبلشر کا مقام
القاهرة - مصر
اصناف
بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ» "، وَقَوْلِ عَائِشَةَ ﵂: " سُبْحَانَ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الْأَصْوَاتِ " وَنَحْوِهِ، وَتَارَةً يَذْكُرُ حُكْمَ تِلْكَ الصِّفَةِ كَقَوْلِهِ: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ﴾ [المجادلة: ١] ﴿إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾ [طه: ٤٦] وَقَوْلِهِ: ﴿فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ﴾ [المرسلات: ٢٣] وَقَوْلِهِ: ﴿عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٧] وَنَظَائِرُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ.
وَيُصَرِّحُ فِي الْفَوْقِيَّةِ بِلَفْظِهَا الْخَاصِّ، وَبِلَفْظِ الْعُلُوِّ وَالِاسْتِوَاءِ، وَأَنَّهُ (فِي السَّمَاءِ) وَأَنَّهُ (ذُو الْمَعَارِجِ) وَأَنَّهُ (رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ) وَأَنَّهُ (تَعْرُجُ إِلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ) وَتَنْزِلُ مِنْ عِنْدِهِ، وَأَنَّهُ يَنْزِلُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَهُ بِأَبْصَارِهِمْ عِيَانًا مِنْ فَوْقِهِمْ، إِلَى أَضْعَافِ ذَلِكَ مِمَّا لَوْ جُمِعَتِ النُّصُوصُ وَالْآثَارُ فِيهِ لَمْ تَنْقُصْ عَنْ نُصُوصِ الْأَحْكَامِ وَآثَارِهَا، وَمِنْ أَبْيَنِ الْمُحَالِ وَأَوْضَحِ الضَّلَالِ حَمْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى خِلَافِ حَقِيقَتِهِ وَظَاهِرِهِ، وَدَعْوَى الْمَجَازِ فِيهِ وَالِاسْتِعَارَةِ، وَأَنَّ الْحَقَّ فِي أَقْوَالِ النُّفَاةِ الْمُعَطَّلِينَ، وَأَنَّ تَأْوِيلَاتِهِمْ هِيَ الْمُرَادَّةُ مِنْ هَذِهِ النُّصُوصِ، إِذْ يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ مَحَاذِيرُ ثَلَاثَةُ لَا بُدَّ مِنْهَا، وَهِيَ: الْقَدْحُ فِي عِلْمِ الْمُتَكَلِّمِ بِهَا أَوْ فِي بَيَانِهِ أَوْ فِي نُصْحِهِ.
وَتَقْرِيرُ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُتَكَلِّمُ بِهَذِهِ النُّصُوصِ عَالِمًا أَنَّ الْحَقَّ فِي تَأْوِيلَاتِ النُّفَاةِ الْمُعَطَّلِينَ أَوْ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ كَانَ ذَلِكَ قَدْحًا فِي عِلْمِهِ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا أَنَّ الْحَقَّ فِيهَا فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى التَّعْبِيرِ بِعِبَارَتِهِمُ الَّتِي هِيَ تَنْزِيهٌ لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ عَنِ التَّشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ وَالتَّجْسِيمِ، وَأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ اللَّهَ مَنْ لَمْ يُنَزِّهِ اللَّهَ بِهَا، أَوْ لَا يَكُونُ قَادِرًا عَلَى تِلْكَ الْعِبَارَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَى التَّعْبِيرِ بِذَلِكَ لَزِمَ الْقَدْحُ فِي فَصَاحَتِهِ، وَكَانَ وَرَثَةُ الصَّابِئَةِ وَأَفْرَاخُ الْفَلَاسِفَةِ وَأَوْقَاحُ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ وَتَلَامِذَةُ الْمَلَاحِدَةِ أَفْصَحَ مِنْهُ وَأَحْسَنَ بَيَانًا وَتَعْبِيرًا عَنِ الْحَقِّ، وَهَذَا مِمَّا يَعْلَمُ بُطْلَانَهُ بِالضَّرُورَةِ أَوْلِيَاؤُهُ وَأَعْدَاؤُهُ وَمُوَافَقُوهُ وَمُخَالِفُوهُ، فَإِنَّ مُخَالِفِيهِ لَمْ يَشُكُّوا أَنَّهُ أَفْصَحُ الْخَلْقِ، وَأَقْدَرُهُمْ عَلَى حُسْنِ التَّعْبِيرِ بِمَا يُطَابِقُ الْمَعْنَى وَيُخَلِّصُهُ مِنَ اللَّبْسِ وَالْإِشْكَالِ
1 / 55