39

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

ایڈیٹر

سيد إبراهيم

ناشر

دار الحديث

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

پبلشر کا مقام

القاهرة - مصر

اصناف

عِلْمًا لِمَا يَجِبُ لِلَّهِ وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ، إِذْ ذَاكَ إِنَّمَا يُسْتَفَادُ مِنْ عُقُولِ الرِّجَالِ، فَإِنْ قِيلَ: اسْتَفَدْنَا مِنْهَا الثَّوَابَ عَلَى تِلَاوَتِهَا وَانْعِقَادِ الصَّلَاةِ بِهَا، قِيلَ: هَذَا تَابِعٌ لِلْمَقْصُودِ بِهَا بِالْقَصْدِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْهُدَى وَالْإِرْشَادُ وَالدِّلَالَةُ عَلَى إِثْبَاتِ حَقَائِقِهَا وَمَعَانِيهَا وَالْإِيمَانِ بِهَا، فَإِنَّ الْقُرْآنَ لَمْ يَنْزِلْ لِمُجَرَّدِ التِّلَاوَةِ وَانْعِقَادِ الصَّلَاةِ، بَلْ أُنْزِلَ لِيُتَدَبَّرَ وَيُعْقَلَ وَيُهْتَدَى بِهِ عِلْمًا وَعَمَلًا، وَيُبَصِّرَ مِنَ الْعَمَى وَيُرْشِدَ مِنَ الْغَيِّ، وَيُعَلِّمَ مِنَ الْجَهْلِ وَيَشْفِيَ مِنَ الْعِيِّ، وَيَهْدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، وَهَذَا الْقَصْدُ يُنَافِي قَصْدَ تَحْرِيفِهِ وَتَأْوِيلِهِ بِالتَّأْوِيلَاتِ الْبَاطِلَةِ الْمُسْتَكْرَهَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ جِنْسِ الْأَلْغَازِ وَالْأَحَاجِي فَلَا يَجْتَمِعُ قَصْدُ الْهُدَى وَالْبَيَانِ وَقَصْدُ مَا يُضَادُّهُ أَبَدًا.
وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَصَفَ كِتَابَهُ بِأَوْضَحِ الْبَيَانِ وَأَحْسَنِ التَّفْسِيرِ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾ [النحل: ٨٩] فَأَيْنَ بَيَانُ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ الْهُدَى وَالرَّحْمَةُ فِي أَلْفَاظٍ ظَاهِرُهَا بَاطِلٌ، وَالْمُرَادُ مِنْهَا تَطَلُّبُ أَنْوَاعِ التَّأْوِيلَاتِ الْمُسْتَكْرِهَةِ الْمُسْتَنْكِرَةِ لَهَا الَّتِي لَا يُفْهَمُ مِنْهَا بَلْ يُفْهَمُ مِنْهَا ضِدُّهَا، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: ٤٤] فَأَيْنَ بَيَّنَ الرَّسُولُ ﷺ مَا يَقُولُهُ النُّفَاةُ وَالْمُتَأَوِّلُونَ؟ وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب: ٤] وَعِنْدَ النُّفَاةِ إِنَّمَا حَصَلَتِ الْهِدَايَةُ بِأَبْكَارِ أَفْكَارِهِمْ وَنَتَائِجِ آرَائِهِمْ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ﴾ [الأعراف: ١٨٥] وَعِنْدَ النُّفَاةِ الْمُخْرِجِينَ لِنُصُوصِ الْوَحْيِ عَنْ إِفَادَةِ الْيَقِينِ إِنَّمَا حَصَلَ الْيَقِينُ بِالْحَدِيثِ الَّذِي أَسَّسَهُ الْفَلَاسِفَةُ وَالْجَهْمِيَّةُ وَالْمُعْتَزِلَةُ وَنَحْوُهُمْ، فَبِهِ اهْتَدَوْا، وَبِهِ آمَنُوا، وَبِهِ عَرَفُوا الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ، وَبِهِ صَحَّتْ عُقُولُهُمْ وَمَعَارِفُهُمْ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ [النساء: ٨٢] وَأَنْتَ لَا تَجِدُ الْخِلَافَ فِي شَيْءٍ أَكْثَرَ مِنْهُ فِي آرَاءِ الْمُتَأَوِّلِينَ الَّتِي يُسَمُّونَهَا قَوَاطِعَ عَقْلِيَّةً، وَهِيَ عِنْدَ التَّحْقِيقِ خَيَالَاتٌ وَهْمِيَّةٌ نَبَذُوا بِهَا الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ، وَاتَّبَعُوا مَا

1 / 53