280

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

ایڈیٹر

سيد إبراهيم

ناشر

دار الحديث

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

پبلشر کا مقام

القاهرة - مصر

اصناف

دَلَالَتُهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَالتَّقْيِيدِ، وَيَكُونُ حَقِيقَةً فِي الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيِّدِ، مِثَالُهُ لَفْظُ الْعَمَلِ، إِنَّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إِنَّمَا يُفْهَمُ مِنْهُ عَمَلُ الْجَوَارِحِ، فَإِذَا قُيِّدَ بِعَمَلِ الْقَلْبِ كَانَتْ دَلَالَتُهُ عَلَيْهِ أَيْضًا حَقِيقَةً، اخْتَلَفَتْ دَلَالَتُهُ بِالْإِطْلَاقِ وَالتَّقْيِيدِ، وَلَمْ يَخْرُجْ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ حَقِيقَةً، وَكَذَلِكَ لَفْظُ الْإِيمَانِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَدْخُلُ فِيهِ الْأَعْمَالُ، كَقَوْلِهِ ﷺ: " «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً، أَعْلَاهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ» " فَإِذَا قُرِنَ بِالْأَعْمَالِ كَانَتْ دَلَالَتُهُ عَلَى التَّصْدِيقِ بِالْقَلْبِ، وَكَقَوْلِهِ: ﴿آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [البقرة: ٢٥] فَاخْتَلَفَتْ دَلَالَتُهُ بِالْإِطْلَاقِ وَالتَّقَيُّدِ وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ.
وَكَذَلِكَ لَفْظُ الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ يَدْخُلُ فِيهِ الْآخَرُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَإِذَا جُمِعَ بَيْنَهُمَا لَمْ يَدْخُلْ مُسَمَّى أَحَدِهِمَا فِي مُسَمَّى الْآخَرِ، وَكَذَلِكَ لَفْظُ التَّقْوَى وَالْقَوْلِ السَّدِيدِ إِذَا أُطْلِقَ لَفْظُ التَّقْوَى تَنَاوَلَ تَقْوَى الْقَلْبِ وَالْجَوَارِحِ وَاللِّسَانِ فَإِذَا جُمِعَ بَيْنَهُمَا تَقَيَّدَتْ دَلَالَتُهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾ [الأحزاب: ٧٠] وَكَذَلِكَ لَفْظُ التَّقْوَى عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَدْخُلُ فِيهِ الصَّبْرُ، فَإِذَا قُرِنَ بِالصَّبْرِ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا﴾ [آل عمران: ١٢٥] وَقَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ [آل عمران: ١٨٦] وَنَظَائِرُ ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُذْكَرَ.
وَأَخَصُّ مِنْ هَذَا أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ لَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا مُقَيَّدًا كَالرَّأْسِ وَالْجَوَارِحِ وَالْيَدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْعَرَبَ لَمْ تَسْتَعْمِلْ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ مُطْلَقَةً بَلْ لَا تَنْطِقُ بِهَا إِلَّا مُقَيَّدَةً كَرَأْسِ الْإِنْسَانِ وَرَأْسِ الطَّائِرِ وَرَأْسِ الدَّابَّةِ وَرَأْسِ الْمَاءِ وَرَأْسِ الْأَمْرِ وَرَأْسِ الْمَالِ وَرَأْسِ الْقَوْمِ، فَهَاهُنَا الْمُضَافُ وَالْمُضَافُ إِلَيْهِ جَمِيعًا حَقِيقَةٌ وَهُمَا مَوْضُوعَانِ، وَمَنْ تَوَهَّمَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الرَّأْسِ لِلْإِنْسَانِ وَأَنَّهُ نُقِلَ مِنْهُ إِلَى هَذِهِ الْأُمُورِ فَقَدْ غَلِطَ أَقْبَحَ غَلَطٍ، وَقَالَ مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، وَلَوْ عَارَضَهُ آخَرُ بِضِدِّ مَا قَالَهُ كَانَ قَوْلُهُ مِنْ جِنْسِ قَوْلِهِ، لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، فَالْمُفِيدُ مَوْضِعُ النِّزَاعِ وَالْمُطْلَقُ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ وَلَا يُفِيدُ فَتَأَمَّلْهُ.
وَكَذَلِكَ الْجَنَاحُ

1 / 297