269

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

ایڈیٹر

سيد إبراهيم

ناشر

دار الحديث

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

پبلشر کا مقام

القاهرة - مصر

اصناف

بِهَذَا التَّقْسِيمِ وَلَا دَلَّ عَلَيْهِ، وَلَا أَشَارَ إِلَيْهِ، وَأَهْلُ اللُّغَةِ لَمْ يُصَرِّحْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِأَنَّ الْعَرَبَ قَسَّمَتْ لُغَاتَهَا إِلَى حَقِيقَةٍ وَمَجَازٍ وَلَا قَالَ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ قَطُّ: هَذَا اللَّفْظُ حَقِيقَةٌ وَهَذَا مَجَازٌ، وَلَا وُجِدَ فَى كَلَامِ مَنْ نَقَلَ لُغَتَهُمْ عَنْهُمْ مُشَافَهَةً وَلَا بِوَاسِطَةِ ذَلِكَ، وَلِهَذَا لَا يُوجَدُ فِي كَلَامِ الْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ وَالْفَرَّاءِ وَأَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ وَالْأَصْمَعِيِّ وَأَمْثَالِهِمْ، كَمَا لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فِي كَلَامِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَا مِنَ التَّابِعِينَ وَلَا تَابِعِ التَّابِعِينَ، وَلَا فَى كَلَامِ أَحَدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ.
وَهَذَا الشَّافِعِيُّ وَكَثْرَةُ مُصَنَّفَاتِهِ وَمَبَاحِثِهِ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَغَيْرِهِ لَا يُوجَدُ فِيهَا ذِكْرُ الْمَجَازِ الْبَتَّةَ، وَهَذِهِ رِسَالَتُهُ الَّتِي هِيَ كَأُصُولِ الْفِقْهِ لَمْ يَنْطِقْ فِيهَا بِالْمَجَازِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، وَكَلَامُ الْأَئِمَّةِ مُدَوَّنٌ بِحُرُوفِهِ لَمْ يُحْفَظْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ تَقْسِيمُ اللُّغَةِ إِلَى حَقِيقَةٍ وَمَجَازٍ، بَلْ أَوَّلُ مَنْ عُرِفَ عَنْهُ فِي الْإِسْلَامِ أَنَّهُ نَطَقَ بِلَفْظِ الْمَجَازِ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى، فَإِنَّهُ صَنَّفَ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ كِتَابًا مُخْتَصَرًا سَمَّاهُ مَجَازَ الْقُرْآنِ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ بِهِ تَقْسِيمَ الْحَقِيقَةِ، فَإِنَّهُ تَفْسِيرٌ لِأَلْفَاظِهِ بِمَا هِيَ مَوْضُوعَةٌ لَهُ، وَإِنَّمَا عَنَى بِالْمَجَازِ مَا يُعَبَّرُ بِهِ مِنَ اللَّفْظِ وَيُفَسَّرُ بِهِ، كَمَا سَمَّى غَيْرُهُ كِتَابَهُ مَعَانِيَ الْقُرْآنِ، أَيْ: مَا يُعْنَى بِأَلْفَاظِهِ وَيُرَادُ بِهَا، كَمَا يُسَمِّي ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ ذَلِكَ تَأْوِيلًا، وَقَدْ وَقَعَ فِي كَلَامِ أَحْمَدَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي (الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ فِيمَا شَكَتْ فِيهِ مِنْ مُتَشَابِهِ الْقُرْآنِ وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿إِنِّي مَعَكُمْ﴾ [المائدة: ١٢] فَهَذَا مِنْ مَجَازِ اللُّغَةِ، يَقُولُ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: سَيَجْرِي عَلَيْكَ رِزْقُكَ، أَنَا مُشْتَغِلٌ بِهِ، وَفِي نُسْخَةٍ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾ [طه: ٤٦] فَهُوَ جَائِزٌ فِي اللُّغَةِ، يَقُولُ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: سَأُجْرِي عَلَيْكَ رِزْقَكَ وَسَأَفْعَلُ بِكَ خَيْرًا.
قُلْتُ: مُرَادُ أَحْمَدَ أَنَّ هَذَا الِاسْتِعْمَالَ مِمَّا يَجُوزُ فِي اللُّغَةِ، أَيْ هُوَ مِنْ جَائِزِ اللُّغَةِ لَا مِنْ مُمْتَنِعَاتِهَا، وَلَمْ يُرِدْ بِالْمَجَازِ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَقِيقَةٍ وَأَنَّهُ يَصِحُّ نَفْيُهُ، وَهَذَا كَمَا قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي تَفْسِيرِهِ إِنَّهُ مَجَازُ الْقُرْآنِ، وَمُرَادُ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي اللُّغَةِ أَنْ يَقُولَ الْوَاحِدُ

1 / 286