187

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

تحقیق کنندہ

سيد إبراهيم

ناشر

دار الحديث

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

پبلشر کا مقام

القاهرة - مصر

اصناف

، ﴿وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب: ٤]، ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا﴾ [المجادلة: ١]، ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ [الرحمن: ٢٩] وَهَذَا عِنْدَ النُّفَاةِ لَا حَقِيقَةَ لَهُ، بَلِ الشُّئُونُ لِلْمَفْعُولَاتِ، وَأَمَّا هُوَ فَلَهُ شَأْنٌ وَاحِدٌ قَدِيمٌ، فَهَذِهِ الْأَدِلَّةُ السَّمْعِيَّةُ وَأَضْعَافُ أَضْعَافِهَا مِمَّا يَشْهَدُ بِهِ صَرِيحَ الْعَقْلِ، فَإِنْكَارُ ذَلِكَ وَإِنْكَارُ تَكَثُّرِ الصِّفَاتِ وَتُعَدُّدِ الْأَسْمَاءِ هُوَ أَفْسَدُ لِلْعَقْلِ وَالنَّقْلِ وَأَفْتَحُ بَابٍ لِلْمُعَارَضَةِ.
الْوَجْهُ السَّادِسُ وَالْأَرْبَعُونَ: أَنْ يُقَالَ لِهَؤُلَاءِ الْمُعَارِضِينَ لِلْوَحْيِ بِعُقُولِهِمْ: إِنَّ مِنْ أَئِمَّتِكُمْ مَنْ يَقُولُ: إِنَّهُ لَيْسَ فِي الْعَقْلِ مَا يُوجِبُ تَنْزِيهَ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ عَنِ النَّقَائِصِ، وَلَمْ يَقُمْ عَلَى ذَلِكَ دَلِيلٌ عَقْلِيٌّ أَصْلًا، صَرَّحَ بِهِ الرَّازِيُّ ; وَتَلَقَّاهُ عَنِ الْجَوْنِيِّ وَأَمْثَالِهِ، قَالُوا وَإِنَّمَا نَسيًا عَنْهُ النَّقَائِصَ بِالْإِجْمَاعِ ; وَقَدْ قَدَحَ الرَّازِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ النُّفَاةِ فِي دَلَالَةِ الْإِجْمَاعِ، وَبَيَّنُوا أَنَّهَا ظَنِّيَّةٌ لَا قَطْعِيَّةٌ، فَالْقَوْمُ لَيْسُوا قَاطِعِينَ بِتَنْزِيهِ اللَّهِ عَنِ النَّقَائِصِ بَلْ غَايَةُ مَا عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ الظَّنُّ.
فَيَا أُولِي الْأَلْبَابِ، كَيْفَ تَقُومُ الْأَدِلَّةُ الْقَطْعِيَّةُ عَلَى نَفْيِ صِفَاتِ اللَّهِ وَنُعُوتِ جَلَالِهِ وَعُلُوِّهِ عَلَى خَلْقِهِ وَاسْتِوَائِهِ عَلَى عَرْشِهِ، وَتَكَلُّمِهِ بِالْقُرْآنِ حَقِيقَةً وَتَكَلُّمِهِ لِمُوسَى، حَتَّى يُدْعَى أَنَّ الْأَدِلَّةَ السَّمْعِيَّةَ عَلَى ذَلِكَ قَدْ عَارَضَهَا صَرِيحُ الْعَقْلِ؟ وَأَمَّا تَنْزِيهُهُ عَنِ الْعُيُوبِ وَالنَّقَائِصِ فَلَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ دَلِيلٌ عَقْلِيٌّ وَلَكِنْ عَلِمْنَاهُ بِالْإِجْمَاعِ، وَقُلْتُمْ: إِنَّ دَلَالَتَهُ ظَنِّيَّةٌ، وَيَكْفِيكَ فِي فَسَادِ عَقْلِ مُعَارِضِ الْوَحْيِ أَنَّهُ لَمْ يَقُمْ عِنْدَهُ دَلِيلٌ عَقْلِيٌّ عَلَى تَنْزِيهِ رَبِّهِ عَنِ الْعُيُوبِ وَالنَّقَائِصِ.
الْوَجْهُ السَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ بَعْضَ مَخْلُوقَاتِهِ عَالِيًا عَلَى بَعْضٍ وَلَمْ يَلْزَمْ مِنْ ذَلِكَ مُمَاثَلَةُ الْعَالِي وَمُشَابَهَتُهُ لَهُ، فَهَذَا الْمَاءُ فَوْقَ الْأَرْضِ، وَالْهَوَاءُ فَوْقَ الْمَاءِ، وَالنَّارُ فَوْقَ الْهَوَاءِ، وَالْأَفْلَاكُ فَوْقَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ عَالِيهَا مُمَاثِلًا لِسَافِلِهَا، وَالتَّفَاوُتُ الَّذِي بَيْنَ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ أَعْظَمُ مِنَ التَّفَاوُتِ الَّذِي بَيْنَ الْمَخْلُوقَاتِ، فَكَيْفَ يَلْزَمُ مِنْ عُلُوِّهِ تَشْبِيهُهُ بِخَلْقِهِ.
فَإِنْ قُلْتُمْ: وَإِنْ لَمْ يَلْزَمِ التَّشْبِيهُ لَكِنْ يَلْزَمُ التَّجْسِيمُ قِيلَ: انْفَصِلُوا أَوَّلًا عَنْ قَوْلِ الْمُعَطِّلَةِ لِلصِّفَاتِ: لَوْ كَانَ لَهُ سَمْعٌ أَوْ بَصَرٌ أَوْ حَيَاةٌ أَوْ عِلْمٌ أَوْ قُدْرَةٌ أَوْ كَلَامٌ لَزِمَ التَّجْسِيمُ، فَإِذَا انْفَصَلْتُمْ مِنْهُمْ، فَإِنْ أَبَيْتُمْ إِلَّا الْجَوَابَ قِيلَ لَكُمْ، مَا تُعْنُونَ بِالتَّجْسِيمِ؟

1 / 202