مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
ایڈیٹر
سيد إبراهيم
ناشر
دار الحديث
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
پبلشر کا مقام
القاهرة - مصر
اصناف
فَأَيُّ دَلِيلٍ عَلَى اللَّهِ أَصَحُّ مِنَ الْأَدِلَّةِ الَّتِي تَضَمَّنَهَا كِتَابُهُ؟ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [إبراهيم: ١٠]، وَقَوْلِهِ: ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [البقرة: ٢٨]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ [البقرة: ١٦٤]، وَمَا لَا يُحْصَى مِنَ الْآيَاتِ الْكَرِيمَاتِ.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ: أَنَّكَ إِذَا أَخَذْتَ لَوَازِمَ الْمُشْتَرَكِ الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ وَالْمُمَيَّزِ، وَمَيَّزْتَ هَذَا مِنْ هَذَا صَحَّ نَظَرُكَ وَمُنَاظَرَتُكَ، وَذَلِكَ أَنَّ الصِّفَةَ تَلْزَمُهَا لَوَازِمُ مِنْ حَيْثُ هِيَ، فَهَذِهِ اللَّوَازِمُ يَجِبُ إِثْبَاتُهَا وَلَا يَصِحُّ نَفْيُهَا، إِذْ نَفْيُهَا مَلْزُومٌ لِنَفْيِ الصِّفَةِ، مِثَالُهُ: الْفِعْلُ وَالْإِدْرَاكُ لِلْحَيَاةِ، فَإِنَّ كُلَّ حَيٍّ فَاعِلٌ مُدْرِكٌ، وَإِدْرَاكُ الْمَسْمُوعَاتِ بِصِفَةِ السَّمْعِ، وَإِدْرَاكُ الْمُبْصِرَاتِ بِصِفَةِ الْبَصَرِ، وَكَشْفُ الْمَعْلُومَاتِ بِصِفَةِ الْعِلْمِ، وَالتَّمْيِيزُ لِهَذِهِ الصِّفَاتِ، فَهَذِهِ اللَّوَازِمُ يَمْتَنِعُ رَفْعُهَا عَنِ الصِّفَةِ، فَإِنَّهَا ذَاتِيَّةٌ لَهَا، وَلَا تَرْتَفِعُ إِلَّا بِرَفْعِ الصِّفَةِ، وَيَلْزَمُهَا لَوَازِمُ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهَا صِفَةَ الْقَدِيمِ، مِثْلَ كَوْنِهَا وَاجِبَةً قَدِيمَةً عَامَّةَ التَّعَلُّقِ، فَإِنَّ صِفَةَ الْعِلْمِ وَاجِبَةٌ لِلَّهِ قَدِيمَةٌ غَيْرُ حَادِثَةٍ، مُتَعَلِّقَةٌ بِكُلِّ مَعْلُومٍ عَلَى التَّفْصِيلِ، وَهَذِهِ اللَّوَازِمُ مُنْتَفِيَةٌ عَنِ الْعِلْمِ الَّذِي هُوَ صِفَةٌ لِلْمَخْلُوقِينَ، وَيَلْزَمُهَا لَوَازِمُ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهَا مُمْكِنَةً حَادِثَةً بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ مَخْلُوقَةً غَيْرَ صَالِحَةٍ لِلْعُمُومِ مُفَارِقَةً لَهُ، فَهَذِهِ اللَّوَازِمُ يَسْتَحِيلُ إِضَافَتُهَا إِلَى الْقَدِيمِ، وَاجْعَلْ هَذَا التَّفْضِيلَ مِيزَانًا لَكَ فِي جَمِيعِ الصِّفَاتِ وَالْأَفْعَالِ، وَاعْتَصِمْ بِهِ فِي نَفْيِ التَّشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ، وَفِي بُطْلَانِ النَّفْيِ وَالتَّعْطِيلِ، وَاعْتَبِرْهُ فِي الْعُلُوِّ وَالِاسْتِوَاءِ تَجِدْ هَذِهِ الصِّفَةَ يَلْزَمُهَا كَوْنُ الْعَالِي فَوْقَ السَّافِلِ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ، فَهَذَا الْإِلْزَامُ حَقٌّ لَا يَجُوزُ نَفْيُهُ، وَيَلْزَمُهَا كَوْنُ السَّافِلِ حَاوِيًا لِلْأَعْلَى مُحِيطًا بِهِ حَامِلًا لَهُ، وَالْأَعْلَى مُفْتَقِرًا إِلَيْهِ، وَهَذَا فِي بَعْضِ الْمَخْلُوقَاتِ لَا فِي كُلِّهَا، بَلْ بَعْضُهَا لَا يَفْتَقِرُ فِيهِ الْأَعْلَى إِلَى أَسْفَلَ، وَلَا يَحْوِيهِ الْأَسْفَلُ وَلَا يُحِيطُ بِهِ وَلَا يَحْمِلُهُ، كَالسَّمَاءِ مَعَ الْأَرْضِ، فَالرَّبُّ تَعَالَى أَجَلُّ شَأْنًا وَأَعْظَمُ أَنْ يَلْزَمَ مِنْ عُلُوِّهِ مِنْ خَصَائِصِهِ، وَهِيَ حَمْلُهُ السَّافِلَ وَفَقْرُ السَّافِلِ إِلَيْهِ، وَغِنَاهُ سُبْحَانَهُ عَنْهُ وَإِحَاطَتُهُ ﷿ بِهِ ; فَهُوَ فَوْقَ الْعَرْشِ، وَعَدَمُ إِحَاطَةِ الْعَرْشِ بِهِ ; وَحَصْرُهُ لِلْعَرْشِ وَعَدَمُ حَصْرِ الْعَرْشِ لَهُ، وَهَذِهِ
1 / 198