157

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

ایڈیٹر

سيد إبراهيم

ناشر

دار الحديث

ایڈیشن

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

پبلشر کا مقام

القاهرة - مصر

اصناف

وَلَمَّا حَدَّثَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِقَوْلِهِ: " «إِنَّ الْحَيَاءَ خَيْرٌ كُلُّهُ " فَعَارَضَهُ مُعَارِضٌ بِقَوْلِهِ: إِنَّ مِنْهُ وَقَارًا وَمِنْهُ ضَعْفًا، فَاشْتَدَّ غَضَبُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَقَالَ: أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَتَقُولُ: إِنَّ مِنْهُ كَذَا وَمِنْهُ كَذَا»؟ وَظَنَّ أَنَّ الْمُعَارِضَ زِنْدِيقٌ، فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا نُجَيْدٍ، إِنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ.
وَلَمَّا «حَدَّثَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ بِقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: " الْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ. . " الْحَدِيثَ، قَالَ مُعَاوِيَةُ: مَا أَرَى بِهَذَا بَأْسًا، يَعْنِي بَيْعَ آنِيَةِ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ مُتَفَاضِلًا، غَضِبَ عُبَادَةُ وَقَالَ: أَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَتَقُولُ: مَا أَرَى بِهَذَا بَأْسًا؟ قَالَ: لَا أُسَاكِنُكَ بِأَرْضٍ أَنْتَ بِهَا أَبَدًا»، وَمُعَاوِيَةُ لَمْ يُعَارِضِ النَّصَّ بِالرَّأْيِ، وَكَانَ أَتْقَى لِلَّهِ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا خَصَّ عُمُومَهُ وَقَيَّدَ مُطْلَقَهُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ وَمَا يُشَابِهُهَا، وَرَأَى أَنَّ التَّفَاضُلَ فِي مُقَابَلَةِ أَثَرِ الصَّنْعَةِ فَلَمْ يَدْخُلْ فِي الْحَدِيثِ، وَهَذَا مِمَّا يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ، وَإِنَّمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ عُبَادَةُ مُقَابَلَتَهُ لِمَا رَوَاهُ بِهَذَا الرَّأْيِ، وَلَوْ قَالَ لَهُ: نَعَمْ، حَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلَى الرَّأْسِ وَالْعَيْنِ وَلَا يَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ، وَلَكِنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ لَا تَدْخُلُ فِي لَفْظِهِ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا قَالَ: " «الْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَزْنًا بِوَزْنٍ» "، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ لَيْسَتْ فِي مُقَابَلَةِ الْفِضَّةِ، وَإِنَّمَا هِيَ فِي مُقَابَلَةِ الصَّنْعَةِ، وَلَا تَذْهَبُ الصَّنْعَةُ هَدَرًا، لَمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ عُبَادَةُ، فَإِنَّ هَذَا مِنْ تَمَامِ فَهْمِ النُّصُوصِ وَبَيَانِ مَا أُرِيدَ بِهَا، كَمَا أَنَّهُ هُوَ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الصَّحَابَةِ لَمَّا وَرَّثُوا الْمُسْلِمَ مِنَ الْكَافِرِ وَلَمْ يُوَرِّثُوا الْكَافِرَ مِنَ الْمُسْلِمِ لَمْ يُعَارِضُوا قَوْلَهُ ﷺ: " «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ» " بِعُقُولِهِمْ وَآرَائِهِمْ، بَلْ قَيَّدُوا مُطْلَقَ هَذَا اللَّفْظِ وَخَصَّصُوا عُمُومَهُ وَظَنُّوا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْحَرْبِيُّ، كَمَا فَعَلَ ذَلِكَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ فِي قَوْلِهِ ﷺ: " «لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» " حَيْثُ حَمَلُوهُ عَلَى الْحَرْبِيِّ

1 / 172