151

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

تحقیق کنندہ

سيد إبراهيم

ناشر

دار الحديث

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

پبلشر کا مقام

القاهرة - مصر

اصناف

لِلْعَذَابِ مَثَلُ السَّوْءِ وَالْإِخْلَاصُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى؟ قَالَ: وَقَالَ قَوْمٌ: الْمَثَلُ السَّوْءُ: الصِّفَةُ السَّوْءُ مِنَ احْتِيَاجِهِمْ لِلْوَلَدِ وَكَرَاهَتِهِمْ لِلْإِنَاثِ خَوْفَ الْعَيْلَةِ وَالْعَارِ، وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى: الصِّفَةُ الْعُلْيَا وَتَنَزُّهُهُ وَبَرَاءَتُهُ مِنَ الْوَلَدِ، قَالَ: وَهَذَا قَوْلٌ صَحِيحٌ، وَالْمَثَلُ كَثِيرًا يَرِدُ بِمَعْنَى الصِّفَةِ، وَقَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ.
وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: مَثَلُ السَّوْءِ مَا ضَرَبَ اللَّهُ لِلْأَصْنَامِ وَعَبَدَتِهَا مِنَ الْأَمْثَالِ، وَالْمَثَلُ الْأَعْلَى نَحْوَ قَوْلِهِ: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [النور: ٣٥])، وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: ﴿وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى﴾ [الروم: ٢٧] هُوَ الْأَطْيَبُ وَالْأَفْضَلُ وَالْأَحْسَنُ وَالْأَجْمَلُ، وَذَلِكَ التَّوْحِيدُ وَالْإِذْعَانُ لَهُ بِأَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ.
قُلْتُ: الْمَثَلُ الْأَعْلَى يَتَضَمَّنُ الصِّفَةَ الْعُلْيَا، وَعِلْمَ الْعَالَمِينَ بِهَا، وَوُجُودَهَا الْعِلْمِيَّ، وَالْخَبَرَ عَنْهَا وَذِكْرَهَا، وَعِبَادَةَ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ بِوَاسِطَةِ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ الْقَائِمَةِ بِقُلُوبِ عَابِدِيهِ وَذَاكِرِيهِ، فَهَا هُنَا أَرْبَعَةُ أُمُورٍ: ثُبُوتُ الصِّفَاتِ الْعُلْيَا لِلَّهِ سُبْحَانَهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، عَلِمَهَا الْعِبَادُ أَوْ جَهِلُوهَا، وَهَذَا قَوْلُ مَنْ فَسَّرَهُ بِالصِّفَةِ، الثَّانِي: وَجُودُهَا فِي الْعِلْمِ وَالتَّصَوُّرِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ مَنْ قَالَ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ: إِنَّهُ مَا فِي قُلُوبِ عَابِدِيهِ وَذَاكِرِيهِ مِنْ مَعْرِفَتِهِ وَذِكْرِهِ وَمَحَبَّتِهِ وَإِجْلَالِهِ وَتَعْظِيمِهِ، وَهَذَا الَّذِي فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْمَثَلِ الْأَعْلَى لَا يَشْتَرِكُ فِيهِ غَيْرُهُ مَعَهُ، بَلْ يَخْتَصُّ بِهِ فِي قُلُوبِهِمْ كَمَا اخْتَصَّ بِهِ فِي ذَاتِهِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ مَنْ قَالَ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ: أَهْلُ السَّمَاءِ يُحِبُّونَهُ وَيُعَظِّمُونَهُ، وَأَهْلُ الْأَرْضِ يُجِلُّونَهُ وَيُعَظِّمُونَهُ، وَإِنْ أَشْرَكَ بِهِ مَنْ أَشْرَكَ، وَعَصَاهُ مَنْ عَصَاهُ، وَجَحَدَ صِفَاتَهُ مَنْ جَحَدَهَا، فَكُلُّ أَهْلِ الْأَرْضِ مُعَظِّمُونَ لَهُ مُجِلُّونَ لَهُ خَاضِعُونَ لِعَظَمَتِهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ﴾ [الروم: ٢٦] فَلَسْتَ تَجِدُ أَحَدًا مِنْ أَوْلِيَائِهِ وَأَعْدَائِهِ إِلَّا وَاللَّهُ أَكْبَرُ فِي صَدْرِهِ وَأَعْظَمُ مِنْ كُلِّ مَا سِوَاهُ، الثَّالِثُ: ذِكْرُ صِفَاتِهِ وَالْخَبَرُ عَنْهَا وَتَنْزِيهُهَا عَنِ النَّقَائِصِ وَالْعُيُوبِ وَالْمَثِيلِ، الرَّابِعُ: مَحَبَّةُ الْمَوْصُوفِ بِهَا وَتَوْحِيدُهُ وَالْإِخْلَاصُ لَهُ وَالتَّوَكُّلُ عَلَيْهِ، وَكُلَّمَا كَانَ الْإِيمَانُ بِالصِّفَاتِ أَكْمَلُ كَانَ هَذَا الْحُبُّ وَالْإِخْلَاصُ أَقْوَى.
فَعِبَارَةُ السَّلَفِ تَدُورُ حَوْلَ هَذِهِ الْمَعَانِي الْأَرْبَعَةِ لَا تَتَجَاوَزُهَا، وَقَدْ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلَ السَّوْءِ لِلْأَصْنَامِ بِأَنَّهَا لَا تَخْلُقُ شَيْئًا وَهِيَ مَخْلُوقَةٌ، وَلَا تَمْلِكُ لِنَفْسِهَا وَلَا لِعَابِدِيهَا ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا.
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ - وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [النحل: ٧٥ - ٧٦]

1 / 166