مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
تحقیق کنندہ
سيد إبراهيم
ناشر
دار الحديث
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
پبلشر کا مقام
القاهرة - مصر
اصناف
الْوَجْهُ الثَّانِي وَالثَلَاثُونَ: فِي بَيَانِ فَسَادِ مَعْقُولِ الشَّيْخِ الَّذِي عَارَضَ بِهِ بِالْوَحْيِ وَذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ قِيَاسٌ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ، وَالْقِيَاسُ إِذَا صَادَمَ النَّصَّ وَقَابَلَهُ كَانَ قِيَاسًا بَاطِلًا، وَيُسَمَّى قِيَاسًا إِبْلِيسِيًّا، فَإِنَّهُ يَتَضَمَّنُ مُعَارَضَةَ الْحَقِّ بِالْبَاطِلِ، وَلِهَذَا كَانَتْ عُقُوبَتُهُ أَنْ أَفْسَدَ عَلَيْهِ عَقْلَهُ وَدُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ، وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ مَا عَارَضَ أَحَدٌ الْوَحْيَ بِعَقْلِهِ إِلَّا أَفْسَدَ اللَّهُ عَلَيْهِ عَقْلَهُ حَتَّى يَقُولَ: مَا يُضْحِكُ الْعُقَلَاءَ.
الثَّانِي: أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ﴾ [الأعراف: ١٢] كَذِبٌ، وَمُسْتَنَدُهُ فِي ذَلِكَ بَاطِلٌ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَفْضِيلِ مَادَّةٍ عَلَى مَادَّةٍ تَفْضِيلُ الْمَخْلُوقِ مِنْهَا عَلَى الْمَخْلُوقِ مِنَ الْأُخْرَى، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَخْلُقُ مِنَ الْمَادَّةِ الْمَفْضُولَةِ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنَ الْمَخْلُوقِ مِنْ غَيْرِهَا، وَهَذَا مِنْ كَمَالِ قُدْرَتِهِ، فَإِنَّ مُحَمَّدًا ﷺ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى وَنُوحًا وَالرُّسُلَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، أَفْضَلُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَمَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ صَالِحِي الْبَشَرِ أَفْضَلُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَإِنْ كَانَتْ مَادَّتُهُمْ نُورًا وَمَادَّةُ الْبَشَرِ تُرَابًا، فَالتَّفْضِيلُ لَيْسَ بِالْمَوَادِّ وَالْأُصُولِ، وَلِهَذَا كَانَ الْعَبِيدُ وَالْمَوَالِي الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ خَيْرًا وَأَفْضَلَ عِنْدَ اللَّهِ مِمَّنْ لَيْسَ مِثْلَهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ وَبَنِي هَاشِمٍ.
وَهَذِهِ الْمُعَارَضَةُ الْإِبْلِيسِيَّةُ صَارَتْ مِيرَاثًا فِي أَتْبَاعِهِ فِي التَّقْدِيمِ بِالْأُصُولِ وَالْأَنْسَابِ عَلَى الْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى، وَهِيَ الَّتِي أَبْطَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [الحجرات: ١٣] وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: " «إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالْآبَاءِ، النَّاسُ مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ، وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ» .
وَقَالَ ﷺ: " «لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَبْيَضَ
1 / 158