مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
تحقیق کنندہ
سيد إبراهيم
ناشر
دار الحديث
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
پبلشر کا مقام
القاهرة - مصر
اصناف
خَالَفَهُ فِي فُرُوعِهِ، وَلِهَذَا اسْتَطَالَ عَلَى هَؤُلَاءِ الْمَلَاحِدَةِ ابْنُ سِينَا وَأَتْبَاعُهُ غَايَةَ الِاسْتِطَالَةِ، وَقَالُوا: الْقَوْلُ فِي نُصُوصِ الْمَعَادِ كَالْقَوْلِ فِي نُصُوصِ الصِّفَاتِ، قَالُوا: بَلِ الْأَمْرُ فِيهَا أَسْهَلُ مِنْ نُصُوصِ الصِّفَاتِ، لِكَثْرَتِهَا وَتَنَوُّعِهَا وَتَعَدُّدِ طُرُقِهَا، وَإِثْبَاتِهَا عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ التَّأْوِيلُ، فَإِذَا كَانَ الْخِطَابُ بِهَا خِطَابًا جُمْهُورِيًّا فَنُصُوصُ الْمَعَادِ أَوْلَى.
قَالَ: فَإِنْ قُلْتُمْ: نُصُوصُ الصِّفَاتِ قَدْ عَارَضَهَا مَا يَدُلُّ عَلَى انْتِفَائِهَا مِنَ الْعَقْلِ، قُلْنَا: وَنُصُوصُ الْمَعَادِ قَدْ عَارَضَهَا مِنَ الْعَقْلِ مَا يَدُلُّ عَلَى انْتِفَائِهَا، ثُمَّ ذَكَرَ الْعَقْلِيَّاتِ الْمُعَارِضَةَ لِلْمَعَادِ مَا يَعْلَمُ بِهِ الْعَاقِلُ أَنَّ الْعَقْلِيَّاتِ الْمُعَارِضَةَ لِلصِّفَاتِ مِنْ جِنْسِهَا أَوْ أَضْعَفُ مِنْهَا.
الْمَقَامُ الثَّالِثُ: مَقَامُ أَهْلِ التَّأْوِيلِ، قَالُوا: لَمْ يُرَدْ مِنَّا اعْتِقَادُ حَقَائِقِهَا، وَإِنَّمَا أُرِيدَ مِنَّا تَأْوِيلُهَا بِمَا يُخْرِجُهَا عَنْ ظَاهِرِهَا وَحَقَائِقِهَا، فَتَكَلَّفُوا لَهَا وُجُوهَ التَّأْوِيلَاتِ الْمُسْتَكْرَهَةِ، وَالْمَجَازَاتِ الْمُسْتَنْكَرَةِ الَّتِي يَعْلَمُ الْعُقَلَاءُ أَنَّهَا أَبْعَدُ شَيْءٍ عَنِ احْتِمَالِ أَلْفَاظِ النُّصُوصِ لَهَا، وَأَنَّهَا بِالتَّحْرِيفِ أَشْبَهُ مِنْهَا بِالتَّفْسِيرِ.
وَالطَّائِفَتَانِ اتَّفَقَتَا عَلَى أَنَّ الرَّسُولَ ﷺ لَمْ يُبَيِّنِ الْحَقَّ لِلْأُمَّةِ فِي خِطَابِهِ لَهُمْ وَلَا أَوْضَحَهُ، بَلْ خَاطَبَهُمْ بِمَا ظَاهِرُهُ بَاطِلٌ وَمُحَالٌ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا، فَقَالَ أَصْحَابُ التَّخْيِيلِ: أَرَادَ مِنْهُمُ اعْتِقَادَ خِلَافِ الْحَقِّ وَالصَّوَابِ، وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ مَفْسَدَةٌ فَالْمَصْلَحَةُ الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَيْهِ أَعْظَمُ مِنَ الْمَفْسَدَةِ الَّتِي فِيهِ، فَقَالَ أَصْحَابُ التَّأْوِيلِ: بَلْ أَرَادَ مِنَّا أَنْ نَعْتَقِدَ خِلَافَ ظَاهِرِهِ وَحَقِيقَتِهِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا الْمُرَادَ تَعْوِيضًا إِلَى حُصُولِ الثَّوَابِ بِالِاجْتِهَادِ وَالْبَحْثِ وَالنَّظَرِ وَإِعْمَالِ الْفِكْرَةِ فِي مَعْرِفَةِ الْحَقِّ بِعُقُولِنَا، وَصَرَفَ تِلْكَ الْأَلْفَاظَ عَنْ حَقَائِقِهَا وَظَوَاهِرِهَا، لِنَنَالَ ثَوَابَ الِاجْتِهَادِ وَالسَّعْيِ فِي ذَلِكَ، فَالطَّائِفَتَانِ مُتَّفِقَتَانِ أَنَّ ظَاهِرَ خِطَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ضَلَالٌ وَبَاطِلٌ، وَأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنِ الْحَقَّ، وَلَا هَدَى إِلَيْهِ الْخَلْقَ.
الْمَقَامُ الرَّابِعُ: مَقَامُ اللَّاإِرَادِيَّةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: لَا نَدْرِي مَعَانِيَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ، وَيَنْسِبُونَ طَرِيقَهُمْ إِلَى السَّلَفِ، وَهِيَ الَّتِي يَقُولُ الْمُتَأَوِّلُونَ: إِنَّهَا أَسْلَمُ، وَيَحْتَجُّونَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ﴾ [آل عمران: ٧] وَيَقُولُونَ: هَذَا هُوَ الْوَقْفُ التَّامُّ عِنْدَ جُمْهُورِ السَّلَفِ، وَهُوَ قَوْلُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَغَيْرِهِمْ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، ثُمَّ وَعَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ يَكُونُ الْأَنْبِيَاءُ وَالْمُرْسَلُونَ لَا يَعْلَمُونَ مَعَانِيَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ هَذِهِ النُّصُوصِ وَلَا أَصْحَابُهُمْ وَلَا التَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، بَلْ يَقْرَءُونَ كَلَامًا لَا يَعْقِلُونَ مَعْنَاهُ.
1 / 131