مختصر قیام اللیل

المقریزی d. 845 AH
58

مختصر قیام اللیل

مختصر قيام الليل

(1) السحر : الثلث الأخير من الليل باب إذا اعتاد الرجل قيام الليل نبه لذلك قال ابن مسعود Bه : « إذا نام الرجل وهو يريد القيام من الليل أيقظه إما سنور ، وإما صبي ، وإما شيء فيستيقظ فيفتح عينيه وقد وكل به قرينان ، قرين سوء وقرين صالح ، فيقول قرين السوء : افتح بشر ، نم إن عليك ليلا طويلا ما تسمع صوتا ولا قيام أحد ، فإن نام حتى يصبح أتاه الشيطان فبال في أذنه فأصبح ثقيلا كسلان خبيث النفس مغبونا ، ويقول الملك : افتح بخير ، قم فاذكر ربك وصل ، فإن قام فتوضأ ثم دخل المسجد فذكر الله وأثنى عليه وصلى على النبي A ، فإذا فرغ من صلاته أستقبله الملك فقبله ثم يصبح طيب النفس قد أصاب خيرا » 96 - حدثنا يحيى بن يحيى ، أخبرنا هشيم ، عن صالح بن رستم ، عن الحسن قال : قال رسول الله A : « صلوا من الليل صلوا أربعا ، صلوا ولو ركعتين ، ما من أهل بيت تعرف صلاة من الليل إلا ناداهم مناد : يا أهل البيت قوموا لصلاتكم » وعن الحسن C : « ما آوى رجل إلى فراشه فحدث نفسه بخير إلا عرض الله ذلك عليه حتى يكون هو يتركه » وكان العلاء C يحيي كل ليلة جمعة فوجد ليلة فترة فقال لامرأته : « إذا كان كذا وكذا من الليل فأيقظيني ، فوضع رأسه فنام ، فأتاه آت في منامه فأخذ بناصيته ، وقال : يا ابن زياد قم فاذكر الله بذكرك ، فقام فزعا فما زالت تلك الشعرات قائمة من العلاء حتى مات » وكان رجل من العباد قل ما ينام من الليل فغلبته عينه ذات ليلة فنام عن جزئه ، فرأى فيما يرى النائم جارية وقفت عليه كأن وجهها القمر ومعها رق فيه مكتوب شعر : ألهتك لذة نومة عن خير عيش مع الخيرات في غرف الجنان تعيش مخلدا لا موت فيه وتنعم في الجنان مع الحسان تيقظ من منامك إن خيرا من النوم التهجد بالقران قال : فوالله ما ذكرتها قط إلا ذهب عني النوم « وقال زياد النميري C : أتاني آت في منامي فقال : » قم يا زياد إلى عبادتك من التهجد وحظك من قيام الليل ، فهو والله خير لك من نومة توهن بدنك وينكسر لها قلبك ، فاستيقظت فزعا ثم غلبني النوم . فأتاني فقال : قم يا زياد فلا خير في الدنيا إلا للعابدين فوثبت فزعا « وعن يحيى بن سعيد بن أبي الحسن C قال : كان أبي إذا جن عليه الليل قام فتوضأ ثم عمد إلى محرابه فلم يزل قائما فيه يصلي حتى يصبح ، قال أبي : » فنمت ليلة عن وقتي الذي كنت أقوم فيه فإذا شاب جميل قد وقف علي ، فقال : قم يا سعيد إلى خير ما أنت قائم إليه ، قم إلى تهجدك ، فإن فيه رضاء ربك وحظ نفسك وهو شرف المؤمنين عند مليكهم يوم القيامة قال : فحدثت به أخي الحسن فقال : قد أطاف بي هذا الشاب قديما « وقال أزهر بن ثابت التغلبي : كان أبي من القوامين لله في سواد هذا الليل . قال » رأيت في منامي امرأة لا تشبه نساء الدنيا ، فقلت : من أنت ؟ قالت : حوراء أمة الله ، قلت : زوجيني نفسك ، قالت : اخطبني إلى سيدي وامهرني ، قلت : وما مهرك ؟ قالت : طول التهجد « وقال عبد الواحد بن زيد : » كنا في غزاة فنزلنا منزلا فنام أصحابي وقمت أقرأ جزئي ، فجعلت عيناي تغلباني وأغالبهما حتى استتممت جزئي ، فلما فرغت وأخذت مضجعي قلت : لو كنت نمت كما نام أصحابي كان أروح لبدني ، فإذا أصبحت قرأت جزئي ، ثم نمت فرأيت في منامي شابا جميلا وبيده ورقة فدفعها إلي فإذا فيها مكتوب : ينام من شاء على غفلة والنوم كالموت فلا تتكل تنقطع الأعمال فيه كما تنقطع الدنيا عن المنتقل فكان عبد الواحد C يردد هذا كثيرا ويبكي ويقول : فرق الموت بين المصلين وبين لذتهم في الصلاة ، وبين الصائمين وبين لذتهم في الصيام « وعن سهيل بن حاتم : كنت في مسجد بيت المقدس فكان قلما يخلو من المتهجدين ، فقمت ليلة فلم أر في المسجد متهجدا فقلت : ما حال الناس الليلة إذ سمعت قائلا من نحو الصخرة يقول : فيا عجبا للناس لذت عيونهم مطاعم غمص بعده الموت منتصب فطول قيام الليل أيسر مؤنة وأهون من نار تفور وتلتهب قال فسقطت لوجهي وذهب عقلي ، فلما أفقت نظرت فإذا لم يبق متهجد إلا قام » وعن رابعة العابدة رحمها الله اعتللت علة قطعتني عن التهجد وقيام الليل ثم رزقني الله العافية فاعتادتني فترة عقب العلة ، فبينا أنا ذات ليلة راقدة أريت جارية فأدخلتني قصرا فتلقانا فيه وصفاء بأيديهم المجامر قالت : أفلا تجمروا هذه المرأة ؟ قالوا : قد كان لها في ذلك حظ فتركته ثم أقبلت علي فقالت : صلاتك نور والعباد رقود ونومك ضد للصلاة عنيد وعمرك غنم إن عقلت ومهلة يسير ويفنى دائبا ويبيد قالت : فما ذكرتها إلا طاش عقلي وأنكرت نفسي ، وما نامت رابعة رحمها الله بعد هذه الرؤيا بليل حتى ماتت « وقال آخر : نمت ليلة عن جزئي ، فأريت في منامي قائلا يقول لي : عجبت من جسم ومن صحة ومن فتى نام إلى الفجر فالموت لا تؤمن خطفاته في ظلم الليل إذا يسري من بين منقول إلى حفرة يفترش الأعمال في القبر وبين مأخوذ على غرة بات طويل الكبر والفخر عاجله الموت على غفلة فمات مثبورا إلى الحشر قال : فما نسيتها بعد » وشبع يحيى بن زكريا عليهما السلام ليلة من خبز شعير فنام عن جزئه ، فأوحى الله إليه : يا يحيى : « لو اطلعت إلى الفردوس اطلاعة لذاب جسمك وزهقت نفسك اشتياقا ولو اطلعت إلى جهنم اطلاعة لبكيت الصديد بعد الدموع وللبست الحديد بعد المسوح » باب ما يبدأ به من ذكر الله عند الانتباه من النوم 97 - حدثنا يحيى ، عن مالك ، عن مخرمة بن سليم ، عن كريب ، أن ابن عباس Bه أخبره : أنه بات عند ميمونة أم المؤمنين Bها وهي خالته قال : فنام رسول الله A حتى إذا انتصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل فاستيقظ رسول الله A فجلس يمسح النوم عن وجهه بيده ، ثم قرأ العشر الآيات الخواتيم من سورة آل عمران ثم قام إلى شن (1) معلقة فتوضأ منها

__________

صفحہ 123