Mukhtasar Minhaj as-Sunnah an-Nabawiyyah
مختصر منهاج السنة النبوية
ناشر
دار الصديق للنشر والتوزيع، صنعاء - الجمهورية اليمنية
ایڈیشن نمبر
الثانية، 1426 هـ - 2005 م
وإذا كان كذلك لم يكن في ذلك اتفاق أهل السنة على باطل، بل كل قوم منهم ينكرون ما عند غيرهم من الخطأ، فلم يتفقوا على أن الشخص المعين عليه أن يقبل من كل من هؤلاء ما قاله، بل جمهورهم لا يأمرون العامي بتقليد شخص معين غير النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في كل ما يقوله.
والله تعالى قد ضمن العصمة للأمة، فمن تمام العصمة أن يجعل عددا من العلماء إن أخطأ الواحد منهم في شيء كان الآخر قد أصاب فيه حتى لا يضيع الحق، ولهذا لما كان في قول بعضهم من الخطأ مسائل، كبعض المسائل التي أوردها، كان الصواب في قول الآخر، فلم يتفق أهل السنة على ضلالة أصلا، وأما خطأ بعضهم في بعض الدين، فقد قدمنا في غير مرة أن هذا لا يضر، كخطأ بعض المسلمين. وأما الشيعة فكل ما خالفوا فيه أهل السنة كلهم فهم مخطئون فيه، كما أخطأ اليهود والنصارى في كل ما خالفوا فيه المسلمين.
الوجه السادس: أن يقال: قوله: ((إن هذه المذاهب لم تكن في زمن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ولا الصحابة)) إن أراد أن الأقوال التي
لهم لم تنقل عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ولا عن الصحابة، بل تركوا قول النبي صلى الله تعالى عليه وسلم والصحابة وابتدعوا خلاف ذلك، فهذا كذب عليهم، فإنهم لم يتفقوا على مخالفة الصحابة، بل هم - وسائر أهل السنة - متبعون للصحابة في أقوالهم، وإن قدر أن بعض أهل السنة خالف الصحابة لعدم علمه بأقاويلهم، فالباقون يوافقون ويثبتون خطأ من يخالفهم، وإن أراد أن نفس أصحابها لم يكونوا في ذلك الزمان، فهذا لا محذور فيه. فمن المعلوم أن كل قرن يأتي يكون بعد القرن الأول.
الوجه السابع: قوله: ((وأهملوا أقاويل الصحابة)) كذب منه، بل كتب أرباب المذاهب مشحونة بنقل أقاويل الصحابة والاستدلال بها، وإن كان عند كل طائفة منها ما ليس عند الأخرى. وإن قال: أردت بذلك أنهم لا يقولون: مذهب أبي بكر وعمر ونحو ذلك، فسبب ذلك أن الواحد من هؤلاء جمع الآثار وما استنبطه منها، فأضيف ذلك إليه، كما تضاف كتب الحديث إلى من جمعها، كالبخاري ومسلم وأبي داود،، وكما تضاف القراءات إلى من اختارها، كنافع وابن كثير.
وغالب ما يقوله هؤلاء منقول عمن قبلهم، وفي قول بعضهم ما ليس منقولا عمن
صفحہ 114