مختصر منهاج القاصدين
مختصر منهاج القاصدين
ایڈیٹر
شعيب الأرنؤوط وعبد القادر الأرنؤوط
ناشر
مكتبة دار البيان
اشاعت کا سال
1398 ہجری
پبلشر کا مقام
دمشق
اصناف
تصوف
فالجاه هو قيام المنزلة في قلوب الناس، وهو اعتقاد القلوب نعتًا من نعوت الكمال في هذا الشخص، إما من علم أو عبادة، أو نسب أو قوة، أو حسن صورة، أو غير ذلك مما يعتقده الناس كمالًا فبقدر ما يتعقدون له من ذلك، تذعن قلوبهم لطاعته، ومدحه وخدمته، وتوقيره.
فبهذا يبين أن الجاه محبوب بالطبع وأنه أبلغ من حب المال، لأن المال لا يتعلق الغرض بعينه، بل لكونه وسيلة إلى المحبوبات، فاشتراك الجاه والمال في السبب اقتضى الاشتراك في المحبة، والجاه في ذلك أرجح من المال.
واعلم: أن من الجاه ما يحمد وما يذم، لأن من المعلوم أنه لابد للإنسان من مال لضرورة المطعم والملبس ونحوهما، فكذلك لابد له من جاه لضرورة المعيشة مع الخلق، لأن الإنسان لا يخلو من الحاجة إلى سلطان يحرسه، ورفيق يعينه، وخادم يخدمه، فحبه ذلك ليس بمذموم، لأن الجاه وسيلة إلى الأغراض، كالمال.
والتحقيق في هذا أن لا يكون المال والجاه محبوبين لأعيانهما، ومتى طلب الإنسان قيام جاهه لأجل صفة هو متصف بها لغرض صحيح، كقول يوسف ﵇: ﴿اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾ [يوسف: ٥٥] أو قصد إخفاء عيب من عيوبه لئلا نزول منزلته، كان ذلك مباحًا، فإن طلب المنزلة باعتقادهم فيه صفة ليست فيه، كالعلم، والورع، والنسب، فذلك محظور.
وكذلك لو حسن الصلاة بين أيديهم ليعتقدوا فيه الخشوع. فإنه يكون مرائيًا بذلك، فلا يجوز تملك القلوب بتزوير، ولا تملك المال بتلبيس.
٢ - بيان علاج حب الجاه
اعلم: أن من غلب على قلبه حب الجاه، صار مقصور الهم على مراعاة الخلق، مشغوفًا بالتردد إليهم، والمرآة لهم، ولا يزال في أقواله وأفعاله ملتفتًا إلى ما يعظم منزلته عندهم، وذلك بذر النفاق، وأصل الفساد، لأن كل من طلب المنزلة في قلوب الناس اضطر أن ينافقهم بإظهار ما هو خال عنه، ويجر ذلك إلى المراءاة بالعبادات واقتحام المحظورات، والتوصل إلى اقتناص القلوب.
1 / 211