مختصر منهاج القاصدين
مختصر منهاج القاصدين
ناشر
مكتَبَةُ دَارِ البَيَانْ
پبلشر کا مقام
دمشق
وكان يأكل ما حضر، وما عاب طعامًا قط.
وكان لا يأكل متكئًا، ويأكل مما يليه.
وكان أحب الطعام إليه اللحم، ومن الشاة الكتف، ومن البقول الدباء، ومن الصبغ الخل، ومن التمر العجوة.
وكان يلبس ما وجد، مرة برد حبرة، ومرة جبة صوف.
ويركب تارة بعيرًا وتارة بغلة، وتارة حمارًا، ويمشى مرة راجلًا حافيًا.
وكان يحب الطيب، ويكره الريح الخبيثة.
ويكرم أهل الفضل، ويتألف أهل الشرف.
ولا يجفو على أحد، ويقبل معذرة المعتذر إليه.
يمزح ولا يقول إلا حقًا، يضحك في غير قهقهة، لا يمضى عليه وقت في غير عمل لله تعالى، أو فيما لابد منه من صلاح نفسه.
وما لعن امرأة ولا خادمًا قط.
وما ضرب أحدًا بيده قط، إلا أن يجاهد في سبيل الله.
وما انتقم لنفسه إلا أن تنتهك حرمات الله.
وما خير بين شيئين إلا اختار أيسرهما، إلا أن يكون مأثمًا أو قطيعة رحم، فيكون أبعد الناس منه.
وقال أنس رضى الله عنه: خدمته عشر سنين، فما قال لى: أف قط، ولا قال لشىء فعلته: لم فعلته، ولا لشىء لم أفعله: لا فعلت كذا؟
ومن صفته في التوراة: محمد رسول الله، عبدى المختار، ليس بفظ، ولا غليظ، ولا صخاب في الأسواق، ولا يجزى بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح.
وكان من خلقه أنه يبدأ بالسلام من لقيه، ومن فاره بحاجة صابره حتى يكون هو المنصرف. وما أخذ أحد يده فأرسل يده حتى يرسلها الآخذ.
وكان يجلس حيث ينتهى به المجلس مختلطًا بأصحابه كأنه أحدهم، فيأتى الغريب فلا يدرى أيهم هو حتى يسأل عنه.
وكان طويل السكوت، فإذا تلكم لم يسرد كلامه، بل يتثبت فيه ويكرره ليفهم. وكان يعفو مع القدرة، ولا يواجه أحدًا بما يكره.
وكان أصدق الناس لهجة، وأوفاهم ذمة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة، ومن رآه بديهة هابة، ومن خالطه معرفة أحبه، وكان أصحابه إذا تكلموا في أمر الدنيا تحدث
1 / 146