Mukhtasar Kitab Al-I'tisam
مختصر كتاب الاعتصام
ناشر
دار الهجرة للنشر والتوزيع
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م
اصناف
الأوَّل وَغَيْرَهُمُ اخْتَلَفُوا فِي تَكْفِيرِ كَثِيرٍ مِنْ فِرَقِهِمْ مِثْلَ الْخَوَارِجِ وَالْقَدَرِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ، وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِى شَيْءٍ﴾ (١)، وَقَوْلِهِ: ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وتَسْوَدُّ وُجُوهٌ﴾ (٢) الْآيَةَ. وَقَدْ حَكَمَ العلماءُ بِكُفْرِ جُمْلَةٍ مِنْهُمْ كَالْبَاطِنِيَّةِ وسواهم، والعلماءُ إِذَا اخْتَلَفُوا فِي أَمْرٍ: هَلْ هُوَ كُفْرٌ أَمْ لَا؟ فَكُلُّ عَاقِلٍ يربأُ بِنَفْسِهِ أَنْ يُنسب إِلَى خُطَّةِ خَسْفٍ كَهَذِهِ بِحَيْثُ يُقَالُ لَهُ: إنَّ العلماءَ اخْتَلَفُوا: هَلْ أَنْتَ كَافِرٌ أَمْ ضَالٌّ غَيْرُ كَافِرٍ؟ أَوْ يُقَالُ: إنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالُوا بكفرِك وَأَنْتَ حَلَالُ الدَّمِ.
- وأمَّا أنَّه يُخافُ عَلَى صَاحِبِهَا سُوءُ الْخَاتِمَةِ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ. فلأنَّ صَاحِبَهَا مرتكبٌ إثمًا، وعاصٍ لله تعالى حتمًا، وَمَنْ مَاتَ مُصِرًَّا عَلَى الْمَعْصِيَةِ فَيُخَافُ عَلَيْهِ.
لأنَّ الْمُبْتَدِعَ مَعَ كَوْنِهِ مُصِرًَّا عَلَى مَا نُهِيَ عَنْهُ يَزِيدُ عَلَى المُصِرِّ بِأَنَّهُ معارضٌ لِلشَّرِيعَةِ بِعَقْلِهِ، غَيْرُ مُسَلِّمٍ لَهَا فِي تَحْصِيلِ أمرِه، مُعْتَقِدًا فِي الْمَعْصِيَةِ أَنَّهَا طَاعَةٌ، حَيْثُ حسَّن مَا قبَّحه الشَّارِعُ، وَفِي الطَّاعَةِ أَنَّهَا لَا تَكُونُ طَاعَةً إِلَّا بِضَمِيمَةِ نَظَرِهِ، فَهُوَ قَدْ قبَّح مَا حسَّنه الشَّارِعُ، وَمَنْ كَانَ هَكَذَا فَحَقِيقٌ بِالْقُرْبِ مِنْ سُوءِ الْخَاتِمَةِ إِلَّا ما شاء الله.
- وأمَّا اسوداد الوجه في الآخرة، فلقوله تعالى: ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجوهٌ
_________
(١) الأنعام: ١٥٩.
(٢) آل عمران: ١٠٦.
1 / 38