39

Mukhtasar Kitab Al-I'tisam

مختصر كتاب الاعتصام

ناشر

دار الهجرة للنشر والتوزيع

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م

اصناف

فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ (١)، وَقَوْلِهِ: ﴿إنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾ (٢)، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ فِي هَذَا الْمَعْنَى.
وَقَدْ بيَّن ﵊ أنَّ فَسَادَ ذَاتِ البيْنِ هي الحالقة وأنَّها تحلق الدين، هَذِهِ الشَّوَاهِدِ تَدُلُّ عَلَى وُقُوعِ الِافْتِرَاقِ وَالْعَدَاوَةِ عِنْدَ وُقُوعِ الِابْتِدَاعِ.
وأوَّل شَاهِدٍ عَلَيْهِ فِي الْوَاقِعِ قِصَّةُ الْخَوَارِجِ إِذْ عَادَوْا أَهْلَ الْإِسْلَامِ حتى صاروا يقتلونهم وَيَدَعُون الكفار. ثُمَّ يَلِيهِمْ كُلُّ مَنْ كَانَ لَهُ صَوْلة مِنْهُمْ بِقُرْبِ الْمُلُوكِ فإنَّهم تَنَاوَلُوا أَهْلَ السُّنَّةِ بكل نَكالٍ وعذاب وقتل.
ثُمَّ يَلِيهِمْ كُلُّ مَنِ ابْتَدَعَ بِدْعَةً فإنَّ مِنْ شأْنهم أَنْ يُثَبِّطوا النَّاسَ عَنِ اتِّبَاعِ الشريعة ويذمونهم.
وأيضًا فإنَّ أهل السُّنَّةِ مأْمورون بعداوة أهل البدع وقد حذَّر العلماءُ من مصاحبتهم ومجالستهم، وَذَلِكَ مَظِنَّةَ إِلْقَاءِ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ. لَكِنَّ الدَّرْكَ فِيهَا عَلَى مَنْ تَسَبَّبَ فِي الْخُرُوجِ عَنِ الجماعة مما أَحْدَثَهُ مِنِ اتِّبَاعِ غَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ لَا عَلَى التَّعَادِي مُطْلَقًا. كَيْفَ وَنَحْنُ مأْمورون بِمُعَادَاتِهِمْ وَهُمْ مأْمورون بِمُوَالَاتِنَا وَالرُّجُوعِ إِلَى الْجَمَاعَةِ؟
- وأمَّا أنَّها مَانِعَةٌ مِنْ شَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ ﷺ فلما فِي الصَّحِيحِ قَالَ: «أوَّل مَنْ يُكسى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ، وإنَّه سَيُؤْتَى بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي فيؤخذ بهم ذات

(١) الأنعام: ١٠٣.
(٢) الأنعام: ١٥٩.

1 / 34