Mukhtasar Kitab Al-I'tisam
مختصر كتاب الاعتصام
ناشر
دار الهجرة للنشر والتوزيع
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م
اصناف
وَالِاجْتِهَادِ فِي الدِّينِ -وَلَمْ يَبْلُغْ تِلْكَ الدَّرَجَةَ- فَيَعْمَلُ عَلَى ذَلِكَ، ويُعِدَّ رَأْيَهُ رَأْيًا وَخِلَافُهُ خِلَافًا، وَلَكِنْ تَارَةً يَكُونُ ذَلِكَ فِي جزئيٍّ وفرعٍ من الفروع؛ وتارة يكون في كليٍّ وأصلٍ مِنْ أُصول الدِّينِ - كَانَ مِنَ الأُصول الاعتقاديَّة أو من الأُصول العمليَّة - فتراه آخِذًا بِبَعْضِ جزئيَّات الشَّرِيعَةِ فِي هَدْمِ كليِّاتها، حَتَّى يَصِيرَ مِنْهَا مَا ظَهَرَ لَهُ بَادِيَ رَأْيِهِ مِنْ غَيْرِ إِحَاطَةٍ بِمَعَانِيهَا وَلَا رسوخٍ فِي فَهْمِ مَقَاصِدِهَا، وَهَذَا هُوَ الْمُبْتَدَعُ، وَعَلَيْهِ نَبَّه الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ أنَّه ﷺ قَالَ: «لَا يَقْبِضُ اللهُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ النَّاسِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ عالمٌ اتَّخَذَ الناس رؤساءَ جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فَضَلُّوا وأَضَلُّوا» (١) .
قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: تَقْدِيرُ هَذَا الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى أنَّه لَا يُؤْتَى النَّاسُ قَطُّ، مِنْ قِبَلِ عُلَمَائِهِمْ، وإنَّما يُؤتَون مِنْ قِبَلِ أنَّه إِذَا مَاتَ عُلَمَاؤُهُمْ أَفْتَى من ليس بعالم، فيؤتى الناس من قبله.
(الثاني): اتِّبَاعُ الْهَوَى، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ أَهْلُ الْبِدَعِ أَهْلَ الْأَهْوَاءِ، لأنَّهم اتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ فَلَمْ يَأْخُذُوا الْأَدِلَّةَ الشَّرْعِيَّةَ مَأْخَذَ الِافْتِقَارِ إِلَيْهَا، وَالتَّعْوِيلِ عَلَيْهَا، حَتَّى يَصْدُرُوا عَنْهَا، بَلْ قَدَّمُوا أَهْوَاءَهُمْ، وَاعْتَمَدُوا عَلَى آرَائِهِمْ، ثُمَّ جَعَلُوا الْأَدِلَّةَ الشَّرْعِيَّةَ مَنْظُورًا فِيهَا مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ، وَأَكْثَرُ هَؤُلَاءِ هُمْ أَهْلُ التحسين والتقبيح.
وَيَدْخُلُ فِي غِمَارِهِمْ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ يَخْشَى السَّلَاطِينَ لِنَيْلِ مَا عِنْدَهُمْ، أَوْ طَلَبًا لِلرِّيَاسَةِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَمِيلَ مَعَ النَّاسِ بِهَوَاهُمْ؛ ويتأوَّل عليهم فيما أرادوا.
(الثالث): التَّصْمِيمُ عَلَى اتِّبَاعِ الْعَوَائِدِ وَإِنْ فَسَدَتْ أَوْ كَانَتْ مُخَالِفَةً لِلْحَقِّ، وَهُوَ اتِّبَاعُ مَا كَانَ عَلَيْهِ الْآبَاءُ وَالْأَشْيَاخُ، وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ، وَهُوَ التَّقْلِيدُ المذموم، فإن
(١) [صحيح] تقدم تخريجه (ص٢٦) .
1 / 119