Mukhtasar Kitab Al-I'tisam
مختصر كتاب الاعتصام
ناشر
دار الهجرة للنشر والتوزيع
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م
اصناف
فهذه أمثلة تُوَضِّحُ لَكَ الْوَجْهَ الْعَمَلِيَّ فِي الْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ، وَتُبَيِّنُ لَكَ اعْتِبَارَ أُمور:
(أَحَدُهَا): الملاءَمة لِمَقَاصِدِ الشَّرْعِ بِحَيْثُ لَا تُنَافِي أَصْلًا مِنْ أُصوله ولا دليلًامن دلائله.
(الثاني): أنَّ عَامَّةَ النَّظَرِ فِيهَا إنَّما هُوَ فِيمَا عَقُل منها وجرى على دون الْمُنَاسِبَاتِ الْمَعْقُولَةِ الَّتِي إِذَا عُرضت عَلَى الْعُقُولِ تَلَقَّتْهَا بِالْقَبُولِ، فَلَا مَدْخَلَ لَهَا فِي التعبُّدات، وَلَا مَا جَرَى مَجْرَاهَا مِنَ الأُمور الشَّرْعِيَّةِ، لأنَّ عَامَّةَ التَّعَبُّدَاتِ لَا يُعقل لَهَا مَعْنًى عَلَى التَّفْصِيلِ، كَالْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ فِي زَمَانٍ مخصوص دون غيره، والحج، ونحو ذلك.
(الثالث): أنَّ حَاصِلَ الْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ يَرْجِعُ إِلَى حفظِ أمرٍ ضَرُورِيٍّ، وَرَفْعِ حرجٍ لازمٍ فِي الدِّينِ، وَأَيْضًا مَرجْعِهُا إِلَى حِفْظِ الضَّرُورِيِّ مِنْ بَابِ «ما لم يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ ...» فَهِيَ إِذًا مِنَ الْوَسَائِلِ لَا مِنَ الْمَقَاصِدِ، وَرُجُوعُهَا إِلَى رَفْعِ الْحَرَجِ راجعٌ إِلَى بَابِ التَّخْفِيفِ لَا إِلَى التشديد.
إِذَا تَقَرَّرَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ عُلم أنَّ الْبِدَعَ كَالْمُضَادَّةِ لِلْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ لأنَّ مَوْضُوعَ الْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ مَا عَقُل مَعْنَاهُ عَلَى التَّفْصِيلِ، والتعبُّدات مِنْ حَقِيقَتِهَا أَنْ لَا يُعقل مَعْنَاهَا عَلَى التَّفْصِيلِ، وَقَدْ مَرَّ أنَّ الْعَادَاتِ إِذَا دَخَلَ فِيهَا الِابْتِدَاعُ فإنَّما يَدْخُلُهَا مِنْ جِهَةٍ مَا فِيهَا مِنَ التَّعَبُّدِ لَا بِإِطْلَاقٍ.
وَأَيْضًا فإنَّ الْبِدَعَ فِي عَامَّةِ أَمْرِهَا لَا تُلَائِمُ مَقَاصِدَ الشَّرْعِ، بَلْ إنَّما تُتَصور عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ: إمَّا مناقضة لمقصوده، وإمَّا مسكوتًا عنه فيه.
وَقَدْ تَقَدَّمَ نَقْلُ الْإِجْمَاعِ عَلَى اطِّراح الْقِسْمَيْنِ وَعَدَمِ اعْتِبَارِهِمَا، وَلَا يُقَالُ: إنَّ الْمَسْكُوتَ عَنْهُ يَلْحَقُ بِالْمَأْذُونِ فِيهِ، إِذْ يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ خَرْقُ الْإِجْمَاعِ لِعَدَمِ
1 / 104