Mukhtasar Kitab Al-I'tisam
مختصر كتاب الاعتصام
ناشر
دار الهجرة للنشر والتوزيع
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م
اصناف
ثُمَّ استمرَّ مَزِيدُ الْإِسْلَامِ، وَاسْتَقَامَ طَرِيقُهُ عَلَى مدةِ حَيَاةِ النَّبِيِّ ﷺ، وَمِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ؛ وأَكثرِ قَرْنِ الصَّحَابَةِ ﵃، إِلَى أَن نَبَغَتْ فِيهِمْ نَوَابِغُ الْخُرُوجِ عَنِ السُّنَّة، وأَصغوا إِلَى الْبِدَعِ الْمُضِلَّةِ كَبِدْعَةِ الْقَدَرِ وَبِدْعَةِ الْخَوَارِجِ، وَهِيَ الَّتِي نَبَّهَ عَلَيْهَا الْحَدِيثُ بِقَوْلِهِ: «يَقْتُلُونَ أَهل الْإِسْلَامِ، وَيَدَعُونَ أَهل الأَوثان، يقرأون الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ» (١) يَعْنِي لَا يَتَفَقَّهُونَ فِيهِ، بَلْ يأْخذونه عَلَى الظَّاهِرِ: كَمَا بَيَّنَهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ الْآتِي بِحَوْلِ اللَّهِ. وَهَذَا كُلُّهُ فِي آخِرِ عَهْدِ الصَّحَابَةِ.
ثُمَّ لَمْ تَزَلِ الْفِرَقُ تَكْثُرُ حَسْبَمَا وَعَدَ بِهِ الصَّادِقُ ﷺ فِي قَوْلِهِ: «افْتَرَقَتِ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَالنَّصَارَى مِثْلُ ذَلِكَ وَتَفْتَرِقُ أُمتي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً» (٢) وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ «لتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبٍّ لَاتَّبَعْتُمُوهُمْ» قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: «فَمَنْ؟» (٣) وَهَذَا أَعم مِنَ الْأَوَّلِ فإنَّ الأَول عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ أَهل الْعِلْمِ خَاصٌّ بأَهل الأَهواءِ وَهَذَا الثَّانِي عَامٌّ فِي الْمُخَالَفَاتِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْحَدِيثِ قَوْلُهُ: «حَتَّى لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبٍّ لَاتَّبَعْتُمُوهُمْ» .
وكلُّ صَاحِبِ مُخَالَفَةٍ فَمِنْ شأْنه أَن يدعو غيره إليها، ويحض سِوَاهُ عَلَيْهَا، إِذِ التأَسي فِي الأَفعال وَالْمَذَاهِبِ موضوع طلبه في الجِبِلَّة، وبسببه تقع من الْمُخَالِفِ الْمُخَالَفَةُ، وَتَحْصُلُ مِنَ الْمُوَافِقِ الْمُؤَالَفَةُ، وَمِنْهُ تنشأُ العداوة والبغضاء للمختلفين.
_________
(١) رواه مسلم (١٠٦٤) من حديث أبي سعيد الخدري ﵁؛ وأوله: «إن من ضئضيء هذا قومًا....» وانظر: (ص ٢٩ و٣٣) .
(٢) [حسن] رواه أبو داود (٤٥٩٦) والترمذي (٢٦٤٠) وابن ماجه (٣٩٩١) وغيرهم مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁.
(٣) رواه البخاري (٣٤٥٦) و(٧٣٢٠)، ومسلم (٢٦٦٩) وغيرهما من حديث أبي سعيد الخدري ﵁.
1 / 3